النوع الأول: اشتراطهم الجمود لعطف البيان، والاشتقاق للنعت
  ٨٠٦ - تَمَنَّى أَبْنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا ... [وَهَلْ أَنَا إِلَّا مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ]
  لجواز أن يكون أصله: تَتَمنى.
  ***
  الجهة السادسة: أن لا يراعي الشروط المختلفة بحسب الأبواب؛ فإن العرب يشترطون في باب شيئاً، ويشترطون في آخَرَ نقيض ذلك الشيء، على ما اقتضته حكمة لغتهم وصحيح أقيستهم؛ فإذا لم يتأمل المعرب اختلطت عليه الأبواب والشرائط.
  فلنورد أنواعاً من ذلك مشيرين إلى بعض ما وقع فيه الوهم للمعربين:
النوع الأول: اشتراطهم الجمود لعطف البيان، والاشتقاق للنعت.
  ومن الوهم في الأول قولُ الزمخشري في {مَلِكِ النَّاسِ ٢ إِلَهِ النَّاسِ ٣}[الناس: ٢ - ٣] إنهما عَطْفًا بيانٍ، والصواب أنهما نعتان، وقد يجاب بأنهما أُجْرِيَا مُجْرَى الجوامد؛ إذ يُستعملان غير جاريين على موصوف وتجري عليهما الصفات، نحو قولنا: «إله
  كان في الشعر واستدل بهذا الشعر فقال أصله تمنت ابنتاي وحاصله أنه يحتمل أن أصله تتمنى وأن أصله تمنت والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال.
  قوله: (الجهة السادسة) أي من الجهات التي يدخل على المعرب الفساد بسببها. قوله: (ويشترطون) أي: يلتزمون قوله: (نقيض ذلك الشيء) مثلاً عطف البيان لتوضيح ذات الشيء فالحكمة تقتضي جموده وصحيح القياس على التمييز والنعت لبيان رسم الشيء اشتقاقه فالحكمة تقضي وصحيح قياسه على الحال قوله: (فإذا لم يشمل العرب) أي: في تلك الشروط. قوله: (اختلطت عليه الأبواب) أي: فيعرب ما لا يكون بدلاً بدلاً وهكذا. قوله: (لعطف البيان) أي: فمن أعرب المشتق بياناً فقد أخطأ، ومن أعرب الجامد نعتاً فقد أخطأ. قوله: (والصواب أنهما نعتان) أي: لأن ملك وإله مشتقان لا جامدان. قوله: (مجرى الجوامد) أي في كونهما قد لا يقعان نعتاً لشيء وفي أنهما يوصفان وهذا شأن الجوامد وحينئذ صح جعلهما بياناً قوله: (إذ يستعملان غير جاريين على موصوف) نحو
٨٠٦ - التخريج: البيت للبيد بن ربيعة في (ديوانه ص ٢١٣؛ والأزهية ص ١١٧؛ والأغاني ١٥/ ٣٠٥؛ وأمالي المرتضى ١/ ١٧١، ٢/ ٥٥، وخزانة الأدب ٤/ ٣٤٠، ١١/ ٦٨، ٦٩؛ والدرر ٦/ ٢٧٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٠٢؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص ٢١٢؛ ولسان العرب ١٤/ ٥٤ (أوا)).
اللغة والمعنى: تمنّى: طلب ما كان بعيد الوقوع، أو المستحيل. ربيعة أو مضر: ابنا نزار بن معد بن عدنان، وهما أبوا العرب العدنانيين والمراد هنا أنّه من الناس ينزل به ما ينزل بهم من المصائب..
يقول: وما أنا إلا من الناس أموت كما يموتون.