حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

السابع: توكيد النفي

صفحة 12 - الجزء 2

  وقدروا الجواب محذوفاً واللام متعلقة به، أي: ليكون كذا ليرضوكم، ولتشربَنَّ لتغني عني.

  السابع: توكيد النفي، وهي الداخلة في اللفظ على الفعل مسبوقة بـ «ما كان» أو بـ «لم يكن» ناقصتَيْنِ مسندتين لما أسند إليه الفعلُ المقرون باللام، نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}⁣[آل عمران: ١٧٩] {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}⁣[النساء: ١٣٧]، ويُسميها أكثرهم لام الجحود لملازمتها للجَحْدِ أي النّفي. قال النحاس: والصواب تسميتها لام النفي، لأن الجَحْد في اللغة إنكار ما تعرفه، لا مطلق الإنكار، اهـ.

  ووجه التَّوكيد فيها عند الكوفيين أن أصل «ما كان ليفعل»: ما كان يفعل، ثم أُدخلت اللام زيادة لتقوية النفي، كما أدخلت الباء في «ما زيد بقائم»، لذلك؛ فعندهم أنها حرف زائد مؤكّد، غير جاز، ولكنه ناصب، ولو كان جارا لم يتعلق عندهم بشيء لزيادته، فكيف به وهو غيرُ جارٌ؟ ووجهُهُ عند البصريين أن الأصل ما كان قاصداً


  سواء كانت ضميراً أو لا اهـ تقرير شخينا دردير قوله (جدته) أي: نضارته ونموه وحسنه. قوله: (وقدروا الجواب) أي: في الآية وفي البيت على تسليم رواية الأخفش، وأما على رواية الجماعة فلا يحتاج لحذف في البيت كما تقدم. قوله: (ولتشربن لتغني عني) هذا على رواية أبي الحسن. قوله: (مسبوقة) أي: حال كونها مسبوقة. قوله: (بما كان أو بلم يسكن) أي: مسبوقة بكون ماض منفي بلم أو بما. قوله: (مسندتين) أي: كان ويكن بحيث يكون الفاعل واحداً فيهما. قوله: (تسميتها لام النفي) أي: فالنفي أعم من الجحد وحينئذ فمقتضاه أن مدخول اللام إذا كان منفياً غير معلوم لا تسمى لام الجحود وليس كذلك، وقد يقال غاية ما فيه أنه مجاز من استعمال اسم الخاص في العام. قوله: (لا مطلق الإنكار) أي: كما هو المراد. قوله: (ما كان ليفعل) ما نافية وكان فعل ماض واسمها ضمير وليفعل فعل مضارع منصوب باللام عندهم وهذه الجملة خبر كان في محل نصب هذا عند الكوفيين، وأما عند البصريين فيقولون إن ليفعل ليس خبر كان، وإنما هو متعلق بالخبر المحذوف أي قاصداً ليفعل وجملة ليفعل في تأويل مصدر مجرور باللام أي ما كان زيد قاصداً للضرب.

  قوله: (زيادة) أي: حال كونها زائدة لتقويه النفي؛ لأن عندهم الحرف الزائد بمنزلة تكرير الجملة. قوله: (ولكنه ناصب) فيه أنه يلزم عمل عامل الاسم في الفعل، فإن اللام الزائدة تعمل في الأسماء الجر وقد عملت في الفعل النصب ومعناها التوكيد في الحالتين فينتقض بهذا قولهم لا تعمل عوامل الأسماء في الأفعال ولا العكس لكن لعل الكوفيين لا يرون صحة هذه الكلية قوله: (إن الأصل الخ) أي: إنما كان زيد ليضرب معناه ما كان زيد قاصداً للضرب ويلزم منه انتفاء الضرب بالأولى لأنه إذا فقد السبب فقد المسبب.