المسألة الثانية: في فائدته
  والمصاب حينئذ مفعول لا مصدر. ولم يطلع على هاتين الروايتين بعضهم فقال: ولو أنه قال: «يراه» لكان حسناً، أي يرى الصديق نفسه مصاباً إذا أصيب.
  المسألة الثانية: في فائدته، وهي ثلاثة أمور: أحدها لفظي، وهو الإعلام من أول الأمر بأن ما بعده خبر لا تابع، ولهذا سُمّي فضلاً، لأنه فَصَلَ بين الخبر والتابع، وعماداً، لأنه يعتمد عليه معنى الكلام. وأكثر النحويين يقتصر على ذكر هذه الفائدة، وذِكْرُ التابع أولى من ذكر أكثرهم الصفة، لوقوع الفصل في نحو: {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}[المائدة: ١١٧]، والضمائر لا توصف.
  والثاني معنوي، وهو التوكيد ذكره جماعة، وبَنَوْا عليه أنه لا يجامع التوكيد، فلا يقال: «زيد نفسه هو الفاضل»، وعلى ذلك سمّاه بعض الكوفيين دِعَامةً، لأنه يُدْعَمُ به الكلام، أي: يُقَوَّى ويُؤكَّد.
  قوله: (بأن ما بعده خبر) أي: أن ضمير الفصل هو الدافع ابتداء توهم أن ما بعده تابع، وإن الخبر سيأتي فإذا دخل ضمير الفصل رفع ذلك التوهم لأنه لا يكون قبله إلا مبتدأ ولا يكون بعده إلا الخبر قوله: (لأنه فصل) أي: مميز بينهما. قوله: (وعماداً) أي: ويسمى أيضاً عماداً قوله: (لأنه يعتمد عليه) أي: يعتمد عليه من أول الأمر من حيث إفادته أن ما بعده مسند لما قبله ومخبر به عنه فمفاد التسميتين ومآلهما واحد ولكن الأولى تسميته بالفعل لأن الفصل معناه المطابقي التمييز، وأما العماد فمعناه المطابقي ما يعتمد عليه وإفادته لما قلنا باللزوم قوله على ذكر هذه الفائدة وهي الإعلام المذكور. قوله: (كنت أنت الرقيب عليهم) أي: فالضمير رافع لتوهم أن الرقيب صفة الضمائر لا توصف وظاهره أنه يحتمل أن الكلام بدونه يحتمل أن يكون بدلاً أو توكيداً مع أنه لا يتوهم لأن التوكيد إنما يكون بألفاظ ليس هذا منها ولا نسقاً وهو ظاهر ولا بدلاً لأنه لا يبدل الظاهر من الضمير إلا إذا كان مفيداً للإحاطة والشمول والرقيب ليس كذلك ولا بياناً لأنه مشتق والبيان لا يكون إلا جامداً فقوله وذكر التابع أولى لهذه العلة لا يسلم فتأمل. قوله: (وهو التوكيد) أي: توكيد النسبة أي تقويتها وليس المراد التوكيد النحوي لأنه ليس توكيداً لفظياً ولا معنوياً وبهذا اندفع قول ابن الحاجب لا يظهر كونه للتوكيد لأنه ليس توكيداً معنوياً ولا نحوياً وهو فهم أن المراد التوكيد النحوي قوله: (وبنوا عليه) أي: على إفادته التوكيد وقوله إنه لا يجامع التوكيد أي اللفظي لئلا يجتمع مؤكدان وهو تحصيل الحاصل.
  قوله: (وبنوا عليه الخ) لا نسلم ذلك البناء وذلك لأن التوكيد المستفاد من ضمير الفصل توكيد للنسبة والثاني توكيد للمسند إليه وهو زيد فليس المؤكد بالأمرين شيئاً واحداً سلمنا أنهما واردان على شيء واحد فنقول ما المانع من توكيد الشيء الواحد بمؤكدين، قال تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}[الحجر: ٣٠]. قوله: (وعلى ذلك) أي: