حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الخامس: قد يوصل بالمحكية غير محكي

صفحة 471 - الجزء 2

  ومنه {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ٣٤}⁣[النمل: ٣٤] بعد حكاية قولها وهذه الجملة ونحوها مستأنفة لا يقدر لها قول.

  الباب الثاني من الأبواب التي تقع فيها الجملة مفعولاً: باب «ظنَّ» و «أعلم»؛ فإنها تقع مفعولاً ثانياً لـ «ظنّ» وثالثاً لـ «أعلم»، وذلك لأن أضلهما الخبر، ووقوعه جملة سائغ كما مرَّ، وقد اجتمع وقوعُ خَبَري «كان» و «إنّ» والثاني من مفعولي باب «ظنّ» جملة في قول أبي ذؤيب [من الطويل]:

  ٦٥٦ - فَإِنْ تَزْعُمِيني كُنْتُ أَجْهَلُ فِيكُمُ ... فَإِنِّي شَرَيْتُ الْحِلْمَ بَعْدَكِ بِالْجَهْلِ

  الباب الثالث: باب التَّعليق وذلك غير مختص بباب «ظنّ»، بل هو جائز في


  أي: وهو أن يأتي المحدث في المتن بكلام من عنده فيوهم أنه ليس من عنده بل من الحديث وهذا نوع من الإدراج وهناك نوع آخر له وهو أن يذكر حديثين بسند واحد على أنهما حديث واحد ويحذف سند الثاني والعرض أن لكل سنداً في الواقع وهذان النوعان حرام عند عدم بيان الإدراج وأما إذا كان يزيد كلمة في المتن لكن هناك ما يدل على أنها ليست منه فلا حرمة بل جائز، وقد وقع في البخاري قوله: (بعد حكاية قولها) أي: قول بلقيس وهو: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً}⁣[النمل: ٣٤] فقال الله مصدقاً لها، {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ٣٤} وقيل إن قوله: {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ٣٤} من جملة كلامها أرادت هذه عادتهم المستمرة الثابتة التي لا تتغير لأنها كانت في بيت الملك القديم فسمعت نحو ذلك ورأت قوله: (وذلك) أي: وبيان صحة وقوعها مفعولاً لأن أصلهما الخبر أي والخبر يقع جملة فقوله ووقوعه أي الخبر من تتمة العلة. قوله: (لأن أصلهما) أي: المفعول الثاني لظن والثالث لعلم قوله: (أجهل) فعل مضارع وهذه الجملة خبر كان وجملة كان وخبرها واسمها مفعول ثان لنزعم والأول الياء، وقوله فإني شريت الياء اسم إن وقوله شريت أي اشتريت هذه الجملة خبر إن قوله: (باب التعليق) أي: فكل جملة علق الفعل عن العمل في لفظها المعلق فهي في محل نصب على المفعولية.


٦٥٦ - التخريج: البيت لأبي ذؤيب الهذلي في (شرح أشعار الهذليين ص ٩٠، والأضداد ص ١٠٧، ١٨٦؛ وتخليص الشواهد ص ٤٢٨؛ وخزانة الأدب ١١/ ٢٤٩؛ والدرر ٢/ ٢٤٢؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٨٦ ٣٥١؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١١٩؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٧١، ٨٣٤؛ والكتاب ١/ ١٢١؛ ولسان العرب ١٢/ ٢٦٤ (زعم)؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٣٨٨؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ١/ ١٤٨).

اللغة: الحلم العقل والرزانة.

المعنى: يقول: لئن كنت في عرفك جاهلاً طائشاً أيام كنت بينكم فإنّي الآن قد تغيرت، وأبدلت الجهل بالحلم والخلق الكريم.