حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الرابع: ضمير الشأن والقصة

صفحة 94 - الجزء 3

  وهذا الضمير مخالف للقياس من خمسة أوجه:

  أحدها: عَوْدُهُ على مَا بَعْدَه لزوماً؛ إذ لا يجوز للجملة المفسرة له أن تتقدّم هي، ولا شيء منها عليه، وقد غلط يوسف بن السيرافي إذ قال في قوله [من الطويل]:

  ٧٣٧ - أَسَكْرَانُ كَانَ ابْنُ المَرَاغَةِ إِذْ هَجَا ... تَمِيماً بِجَوَ الشَّامِ أَمْ مُتَسَاكِرُ

  فيمن رَفَعَ «سكران»، و «ابن المراغة»: إن «كان» شأنيّة، و «ابن المراغة سكران»: مبتدأ وخبر والجملة خبر «كان»؛ والصَّواب أن «كان» زائدة، والأشهر في إنشاده نصب «سكران» ورفع «ابن المراغة»؛ فارتفاع «متساكر» على أنه خبر لـ «هو» محذوفاً، ويروى بالعكس؛ فاسم «كان» مستتر فيها.

  والثاني: أن مفسّره لا يكون إلا جملة، ولا يشاركه في هذا ضمير، وأجاز


  الضمير المفسر بالجملة وفي نسخة يسميه قوله: (ولا شيء منها عليه)، أي: مع أن شأن الضمير أن يفسره مرجعه المتقدم عليه قوله: (في قوله) أي: الفرزدق. قوله: (ابن المراغة) هو جرير والمراغة لقب لأمه لقبها به الأخطل إشارة لتمرغ الرجال عليها أي: أنها محل المرغ والتمعك أي: أنها زانية لا تصون نفسها من أحد هذا البيت أن جريراً وسبب هجا تميماً قبيلة الفرزدق وكانوا حينئذ في الشام ثم أن هذا الشاعر الذي هو الفرزدق قال في جرير أكان سكران جريراً أم متساكراً حيث هجا تميماً مع ثبوت المناقب لهم. قوله: (مبتدأ وخبر) أي: فابن المراغة مبتدأ مؤخر وسكران خبر مقدم والجملة خبر كان واسمها ضمير الشأن ويفسره تلك الجملة قوله: (والصواب أن كان زيد زائدة) أي: على رواية الرفع وحينئذ فابن المراغة مبتدأ مؤخر وسكران خبر مقدم وكان زائدة بين المبتدأ والخبر. قوله: (نصب سكران) أي: على أنه خبر كان مقدم وقوله: ابن المروغة اسمها. قوله: (فارتفاع الخ) أي: وعلى هذا فارتفاع الخ. قوله: (على أنه خبر لهو) أي: لا بالعطف على سكران لأنه منصوب خبراً لكان لا يعطف المرفوع على المنصوب. قوله: (ويروى بالعكس) أي: برفع سكران ونصب ابن وعليه فارتفاع متساكر عطف على سكران المرفوع. قوله: (قاسم كان مستتر فيها) أي: والجملة خبر سكران قوله: (ولا شاركه في هذا ضمير) إذ كل ضمير غيره يفسره مفرد قوله: (تفسيره) أي ضمير الشأن.


٧٣٧ - التخريج: البيت للفرزدق في (خزانة الأدب ٩/ ٢٨٨، ٢٨٩، ٢٩٠، ٢٩١؛ والكتاب ١/ ٤٩؛ ولسان العرب ٤/ ٣٧٣ (سكر)؛ والمقتضب ٤/ ٩٣؛ وبلا نسبة في الخصائص ٢/ ٣٧٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٧٤).

اللغة: المراغة: الممرغة بالوحل. بجوّ الشام: أرض الشام.

المعنى: هل كان ثملاً عندما هجا تميماً في ديار الشام أم كان يدعي السكر، فلينظر لأمه الممرغة بالوحل الحطيطة القدر إذاً.