والثاني: أن تكون مصدرية
  وإن دخلت على الفعلية لم تعمل نحو: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}[البقرة: ٢٧٢]، فأما: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ}[البقرة: ٢٧٢]، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}[البقرة: ٢٧٢]، فـ «ما» فيهما شرطية، بدليل الفاء في الأولى والجزم في الثانية؛ وإذا نفت المضارع تخلّص عند الجمهور للحال. ورَدَّ عليهم ابن مالك بنحو: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ}[يونس: ١٥] وأجيب بأن شرط كونه للحال انتفاء قرينة خلافه.
  والثاني: أن تكون مصدرية، وهي نوعان: زمانية، وغيرها.
  فغيرُ الزمانية نحو: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}[التوبة: ١٢٨]، {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}[آل عمران: ١١٨]، {ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ}[التوبة: ١١٨]، {فَذُوقُوا بِمَا
  نصب هذا هو ا الأظهر لا أنه في لا محل رفع، وقوله لو ردت لو مصدرية وجملة ردت مؤولة بمصدر خبر أي ما بأس ردها تحية علينا قوله: (وما بأس) يمكن أن يقال إن بأس فعل ماض أصله بئس أي أصاب بؤساً وشدة، ثم خفف بإسكان الهمزة كما يقال شهد بإسكان الهاء في شهد بكسرها، ولو مصدرية وهي وصلتها فاعل بئس أي وما بئس ردها التحية علينا أي ما أصاب بؤساً ولا مشقة والإسناد مجازي إذ المراد ما بئست بسبب رد التحية، ثم أسند الفعل لرد الملابس لها وهذا تخريج جارٍ على القواعد وهو خير من إثبات حكم لم يثبت لها وعابها بمعنى عيبها وهو مبتدأ وقليل خبره وهو بمعنى النفي أي عيبها معدوم على رأي من يعرف الحق فثم مضاف محذوف اهـ. دماميني. قوله: (على الفعلية) أي: أو الاسمية والحال إنه شرط من الشروط. قوله: (والجزم) أي: جزم الجواب. قوله: (للحال) أي: فهي مثل ليس فمعنى ما يقوم زيد يعني في الحال كما إنه ليس زيد قائماً معناه في الحال قوله: (إن أبدله) فاعل يكون أي ما يكون لي التبديل ولا شك إن أبدله مقترن بأن الدالة على الاستقبال وحينئذ فلا يصح أن يكون الفعل حالياً وذلك لاستلزامه كون الفعل حالياً والفاعل مستقبلاً ولا شك أن تقدم الفعل في الوجود على فاعله لا يصح لأنه أثره فيجب تقارنهما في الوجود.
  قوله: (وأجيب الخ) أجيب أيضاً في أن الكلام حذف مضاف أي ما يكون لي قصد إن أبدله، والقصد حالي، وإن كان التبديل مستقبلاً. قوله: (بأن شرط كونه) أي: المضارع المنفي بما. قوله: (انتفاء خلافه) أي: خلاف الحال وخلاف الحال هو الاستقبال وقرينة الاستقبال موجودة وهي إن فقد شرط الحمل على الحال فلم يمكن الحمل عليه، وليس المراد إن ما للحال عند الجمهور، ولو وجدت قرينة خلافة إذ لا سبيل إليه. قوله: (والثاني) أي من أوجه الحرفية قوله: (فغيرت الزمانية) أي: فالمصدرية غير الظرفية وهذا هو الكثير فيها. قوله: (عزيز) خبر مقدم وما عنتم مبتدأ مؤخر. قوله: (بما رحبت) أي: برحبها أي وسعها.