حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القيد الثاني: صلاحيتها للاستغناء عنها

صفحة 506 - الجزء 2

  بُعد، لأن الحصر من صفة الجائين؛ وقال أبو العباس المبرد الجملة إنشائية معناها الدعاء، مثل: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ}⁣[المائدة: ٦٤] فهي مستأنفة، ورُدَّ بأن الدعاء عليهم بضيق قلوبهم عن: قتال قومهم لا يتجه.

  ذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}⁣[الأنفال: ٢٥] فإنه يجوز أن تقدَّر «لا» ناهية ونَافِية، وعلى الأول فهي مقولة لقول محذوف هو الصفة، أي: فتنة مقولاً فيها ذلك، ويرجّحه أنَّ توكيد الفعل بالنون بعد «لا» الناهية قياس، نحو: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا}⁣[إبراهيم: ٤٢]، وعلى الثاني فهي صفة لـ «فتنه»، ويرجحه سلامته من تقدير.

  القيد الثاني: صلاحيتها للاستغناء عنها، وخرج بذلك جملة الصلة، وجملة الخبر، والجملة المحكيّة بالقول، فإنها لا يُستغنى عنها، بمعنى أن معقولية القول متوقفة عليها وأشباه ذلك.


  اشتمال المجيء عليه من حيث أن سبب المجيء حصر الصدور فتأمل. قوله: (من صفة الجائين) أي: لا من صفة المجيء وشرط بدل الاشتمال إنما يكون من صفات المبدل منه ودالاً عليه دلالة إجمالية حتى إذا ذكر البدل يكون كالمعنى لما ذكر إجمالاً. قوله: (وقال أبو العباس المبرد الجملة) أي: جملة حصرت صدورهم قوله: (معناه الدعاء) أي: فالمعنى أو جاؤوكم اللهم ضيق صدورهم كراهية أن يقاتلوهم أو يقاتلوا قومهم. قوله: (مثل غلت الخ) أي: فالمعنى اللهم ضيق صدورهم قوله: (لا يتجه) أي: لا يظهر وحاصل الرد أن المعنى على هذا القول اللهم ضيق صدورهم عن: قتالنا وعن قتال قومهم أي الكفار والدعاء عليهم بضيق الصدور بالنظر لقتال المسلمين ظاهر وأما الدعاء عليهم بالنظر لقتال قومهم فلا يظهر إذ المطلوب إخماد الكفر ولو بأهله أجيب بأن المراد الدعاء عليهم بسلب أهلية القتال بالمرة تحقيراً لهم فتأمل.

  قوله: (لا ناهية) تقدم أن فيه إقامة المسبب مقام السبب فالمعنى لا تتعرضوا لها فتصيب. قوله: (قياس) أي: وأما التوكيد بعد لا النافية فهو شاذ. قوله: (صلاحيتها للاستغناء) هذا القيد مأخوذ من قوله في الضبط لم يسلتزم ما قبلها لأنه إذا لم يستلزمها ما قبلها كانت صالحة للاستغناء عنها. قوله: (وخرج بذلك جملة الصلة وجملة الخبر) أي: فإذا قلت جاء الذي قام أبوه أو زيد قام أبوه فلا تكون جملة قام أبوه حالاً من المعرفة قبلها وكذا يقال في قال زيد عمرو وقام أبو لا تكون جملة عمرو قام أبوه حالاً من المعرفة قبلها ولا صفة للنكرة في قولك قال رجل عمرو قام أبوه لعدم الاستغناء عنها. قوله: (بمعنى أن مفعولية القول) أي: تعقل مقول بمعنى القول فإذا قلت قال زيد لا ترض فلا يتعقل كون زيد قال ترض إلا بهذه الجملة أي: جملة لا ترض. قوله: (بمعنى أن مفعولية الخ) أي: