والثامن: القسم بغير الباء
  والنصب قراءة الجماعة، ويرجُحها العطف على الجملة الفعلية؛ وهل الأولى أن يقدر المحذوف مضارعاً، أي: ويعذب، لمناسبة «يدخل»، أو ماضياً، أي: وعذب لمناسبة المفسر؟ فيه نظر. والرَّفع بالابتداء؛ وأما القراءة بالجرّ فمن توكيد الحرف بإعادته داخلاً على ضمير ما دخل عليه المؤكّدُ، مثل: «إنّ زَيْداً إِنَّهُ فَاضِل»؛ ولا يكون الجار والمجرور توكيداً للجارّ والمجرور، لأن الضمير لا يؤكد الظاهر، لأن الظاهر أقوى؛ ولا يكون المجرور بدلاً من المجرور بإعادة الجار، لأن العرب لم تبدل مضمراً من مظهر لا يقولون: «قام زيد هو»، وإنما جوّز ذلك بعض النحويين بالقياس.
  والثامن: القسم بغير الباء، نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ١}[الليل: ١]، {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}[الأنبياء: ٥٧]، وقولهم: «الله لا يؤخر الأجل»، ولو صرح بالفعل في نحو ذلك لوجبت الباء.
  قوله: (العطف على الجملة الفعلية) أي: وهي قوله يدخل من يشاء في رحمته. قوله: (أي ويعذب) إنما قدره من جنس العذاب لأنه مناسب للاستقبال بخلاف الإعداد فإنه ليس مستقبلاً، وقوله أي وعذب إنما لم يقل وأعد مع أنه المفسر لأن أعد لا يتعدى إلا بلا اللام لا بنفسه. قوله: (المناسبة المفسر) أي: وهو أعد لهم وقوله في نظر أي تردد. قوله: (والرفع بالابتداء) عطف على قوله والنصب قراءة الجمهور. قوله: (ولا يكون الجار والمجرور توكيداً) أي: وأعد فاصلة بين المؤكد والمؤكد ولا يضر ذلك لأنه من متعلقاته وقوله توكيداً للجار المجرور أعني للظالمين. قوله: (ولا يكون المجرور) أي: الضمير في لهم. قوله: (لأن العرب لا تبدل مضمراً من مظهر) أي: وفاقاً لابن مالك فقد قال ولا يبدل مضمر من مضمر ولا من ظاهر قوله: (بعض النحويين) مراده به ابن عصفور فقد صرح في قراءة والظالمين أعد لهم بأن اللام الأولى متعلقة بأعد ولهم بدل من الظالمين وهو عين ما منعه المصنف وبالجملة فالخلاف في المسألة مأثور.
  قوله: (بغير الباء) أي: وأما بها فلا يجب تعلقها بمحذوف بل تتعلق بالمذكور والمحذوف. قوله: (ولو صرح في ذلك بالفعل) أي: بأن قيل أقسم وقوله لوجبت الباء أي لأنها هي التي يجوز أن يصرح بفعل القسم معها بأن يقال أقسم بالليل إذا يغشى وأقسم بالله لأكيدن الخ.