حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أن) - المفتوحة المشددة النون،

صفحة 111 - الجزء 1

  «ما» للنفي و «إلا» للحصر قطعاً، وليست صفته عليه الصلاة والسلام مُنْحَصِرة في الرسالة، ولكن لما استعظموا مَوْتَه جُعِلُوا كأنهم أثبتوا له البقاء الدائم، فجاء الحصر باعتبار ذلك، ويُسمَّى قَصْرَ إفراد.

  والأصح أيضاً أنها موصولٌ حَرْفي مع معموليْهِ بالمصدر، فإن كان الخبر مشتقا فالمصدر المُؤوّل به من لفظه، فتقدير «بَلغني أنك تنطلق» أو «أنك منطلق»: بلغني الانطلاق، ومنه «بلغني أنك في الدار»، التقدير: استقرارُكَ في الدار، لأن الخبر في الحقيقة هو المحذوف من «استقر» أو «مُستقِرٌ»؛ وإن كان جامداً قدر بالكون، نحو: «بلغني أن هذا زيد»، تقديره: بلغني كونه زيداً، لأن كل خبر جامد تصح نسبته إلى المخبر عنه بلفظ الكون، تقول: «هذا زيد»، وإن شئت: «هذا كائن زيداً» إذ معناهما واحد، وزعم السهيلي أن الذي يُؤَوَّلُ بالمصدر إنما هو «أن» الناصبة للفعل لأنها أبداً مع الفعل المتصرف، و «إِنَّ» المشدّدة إنما تؤوّل بالحديث قال: وهو قول سيبويه، ويُؤيده أن خبرها قد يكون اسماً محضاً، نحو: «علمتُ أنَّ الليث الأسد»، وهذا لا يشعر بالمصدر، انتهى. وقد مضى أن هذا يُقدر بالكون.


  المتبادر أن ما اسم أن وللنفي خبرها وإلا معطوف على اسم أن وهو ما وهذا لا يصح؛ لأن المفيد للحصر ما وإلا لا إلا فقط يمكن الجواب بأن قوله للنفي صفة لما وقوله وإلا عطف على ما وقوله للحصر خبر؛ لأن لمبتدأ محذوف. قوله: (كلهم أثبتوا له البقاء) أي: ولم يثبتوه بالفعل أي: أثبتوا البقاء الدائم مع وصف الرسالة قصر الإفراد. أي: لأنهم معتقدون شيئين فقصر الأمر على واحد من الشيئين قوله: (مع معموليه) في نسخة محموله وهي ظاهرة وعلى هذه لما كان الخبر الذي يصاغ منه المصدر يضاف في حال مصدريته للاسم كأنها أولت مع المعمولين قوله: (من لفظه) أي: اسماً أو فعلاً.

  قوله: (بلغني الإنطلاق) أي: ثم تضيف المصدر إلى فاعل ذلك الفعل أو شبهه فتقول انطلاقك. قوله: (من استقر أو مستقر) أي: ولو جعلته كان أو كائن لكان التأويل بلغني كونك في الدار واعلم أنه إن قدر في الظرف المستقر كان أو كائن فهو من التامة بمعنى حصل وثبت والطرف بالنسبة إليه لغو لا الناقصة وإلا لكان الظرف في موضع الخبر فتقدر كان أخرى وتتسلسل التقديرات. قوله: (وإن كان) أي: الخبر جامداً قدر أي المصدر بالكون. قوله: (وإن شئت هذا كائن زيداً) وقد قدره الرضى بقوله بلغني زيديتك؛ لأن ياء النسب إذا لحقت آخر الاسم وبعدها هاء التأنيث أفادت معنى المصدر نحو الفرعية والضاربية والمضروبية اهـ دماميني. قوله: (الناصبة للفعل) أي المضارع قوله: (وأن المشددة) أي: الداخلة على الأسماء قوله: (إنما تؤول بالحديث) فقولك علمت أن زيداً قائم أي: علمت هذا الحديث قوله: (اسماً محضاً) أي: جامداً قوله يقدر بالكون. أي: