تنبيه - من العطف على المعنى على قول البصريين
  على لفظ «تقاتلونهم»، أو على القطع بتقدير: أو هم يُسلمون؛ ومثله «ما تَأْتِينَا فتُحدِّثَنَا» بالنصب، أي ما يكون منك إتيان فحديث؛ ومعنى هذا نفي الإتيان فينتفي الحديث، أي: ما تأتينا فكيف تحدّثنا؛ أو نفي الحديث فقط حتى كأنه قيل: ما تأتينا محدثاً، أي: بل غير محدث؛ وعلى المعنى الأول جاء قوله سبحانه وتعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}[فاطر: ٣٦] أي: فكيف يموتون؛ ويمتنع أن يكون على الثاني، إذ يمتنع أن يقضى عليهم ولا يموتون؛ ويجوز رَفْعُهُ فيكون إما عطفاً على «تأتينا»؛ فيكون كلّ منهما داخلاً عليه حرفُ النفي، أو على القطع فيكون موجباً، وذلك واضح في نحو «ما تأتينا فتجهل أمرنا» و «لم تقرأ فتنسى» لأن المراد إثبات جهله ونسيانه، ولأنه لو عُطِفَ لَجُزِمَ «تنسى»، وفي قوله [من الخفيف]:
  منهم. قوله: (أو على القطع) أي: على قطع الفعل من عطفه على الفعل قبله بتقدير مبتدأ مخبراً عنه بذلك الفعل والجملة عطف على الجملة قبلها فهو من عطف جملة اسمية على فعلية وعلى كل من الوجهين فقوله تقاتلونهم أو يسلمون وإن كان خبراً إلا أنه في معنى الطلب وإلا لزم الكذب للتخلف لأن بعض الكفار لم يقاتل ولم يسلم بل يكتفى منه بأداء الجزية فتعين أن يكون المعنى ليكن منكم قتال لهم أو إسلام منهم. وأو للتنويع أو بمعنى إلا فلا يلزم الشك. قوله: (ومثله) أي: مثل لألزمنك أو تقضيني حقي في العطف على المعنى قوله: (فينتفي الحديث) أي: فهو من باب انتفاء السبب فينتفي المسبب. قوله: (أو نفي الحديث فقط) أي: فالنفي منصب على القيد دون المقيد، وقوله كأنه قيل الخ أي ما تأتينا محدثاً فلا ينافي أنك تأتي غير محدث واعلم أن الأصل في نصب الفعل المضارع إنما هو على المعنى الأول لأنه لا يكون نصب له إلا بعد فاء السببية، والوجه الثاني الفاء فيه للعطف ونصب الفعل بعدها تنزيلاً لها منزلة فاء السببية وإن كان الغالب انصباب النفي على القيد اهـ تقرير دردير قوله: (أو نفي الحديث) أي فهو لنفي المسبب دون السبب أي إن الإتيان المسبب عنه منفي فالفاء على هذا للسببية أيضاً لكن وقعت بين المثبت والمنفي وعلى الأول بين المنفيين وفي الدماميني عن الرضى إنكار السببية على الثاني فلذا جعل القياس الأول.
  قوله: (أو على القطع) أي: عدم عطف الفعل قبله بتقدير مبتدأ ويسمى هذا استئنافاً وللاستئناف وجه آخر نبه عليه المصنف. قوله: (وذلك) أي: القطع واضح. قوله: (ما تأتينا فتجهل أمرنا) أي: أنت لم تأتنا فأنت تجهل أمرنا فتحصل منه أن الواقع بعد الفاء المسبوقة بنفي إن جعلتها للسببية نصبت الفعل الواقع بعدها وكان الكلام محتملاً لأمرين نفي كل من السبب ونفي المسبب فقط، وإن لم تجعلها سببية وقعت الفعل وهو محتمل لأمرين لعطف الفعل الواقع بعد الفاء على الفعل قبله ولقطع الفعل الواقع بعد الفاء عن العطف بتقدير مبتدأ والواو حينئذ للاستئناف.