حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الحادي عشر: ألفاظ التوكيد الأول

صفحة 138 - الجزء 3

  ثَلاثَتُكُمْ»، وبدل الكل لا يحتاجُ إلى ضمير، ويجوز لـ «كل» أن تلي العوامل إذا لم تتصل بالضمير، نحو: «جَاءَني كلُّ الْقَوْمِ» فيجوز مجيئها بدلاً، بخلاف «جاءني كلهم» فلا يجوز إلا في الضرورة، فهذا أحسن ما قيل في هذه القراءة؛ وخَرَّجها ابن مالك على أن «كلا» حال، وفيه ضَعْفَان: تنكير «كل» بقطعها عن الإضافة لفظاً ومعنى، وهو نادر كقول بعضهم: «مَرَرْتُ بِهِمْ كلا» أي: جميعاً، وتقديم الحال على عاملها الظرفي.

  واحترزت بذكر «الأول» عن «أجمع» وأخواته، فإنها إنما تؤكد بعد «كل»، نحو: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}⁣[الحجر: ٣٠].


  الظاهر. قوله: (إذا لم تتصل بالضمير) أي: وأما إن اتصلت به فلا تباشر العوامل فلا تقع إلا مبتدأ أو مؤكدة. قوله: (وبدل الكل الخ) جواب عما يقال أنه ليس هناك ضمير. قوله: (ويجوز الخ) جواب عما يقال كيف البدل مع أنه على نية تكرار العامل فيلزم إيلاء كل العوامل لا بلى كلا. قوله: (وهو نادر) أي: إذ الغالب إضافتها لفظاً ومعنى أو فقط معنى فهي معرفة في الغالب قوله: (فإنها إنما تؤكد بعد كل) يعني لا قبلها إذا اجتمعت معها فلا ينافي أنها يؤكد بها وحدها نحو لمنجوهم أجمعين. قوله: (فإنها إنما تؤكد بعد كل) قال الدماميني هذا سهو ظاهر فقد قال تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ ٩٤ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}⁣[الشعراء: ٩٤، ٩٥]، وقال تعالى حكاية عن إبليس: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ٨٢}⁣[ص: ٢] وقال تعالى: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ}⁣[الشعراء: ٤٩]، وقال إنما لمنجوهم أجمعين وإن جهنم لموعدهم أجمعين فقد أكد هذه الآيات كلها بأجمعين دون الإتيان بكل في حالات إعراب الإسم، وأجاب الشمني بأن قول المصنف إنما تؤكد بعد كل أي لا قبلها إذا اجتمعت معها فلا ينافي أنه يؤكد بها وحدها.