الجهة الرابعة
  الثالث عشر: قول مكي وغيره في قوله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[طه: ١٣١]: إن «زهرة» حال من الهاء في «به»، أو «ما»، وإن التنوين حذف للساكنين مثل قوله [من المتقارب]:
  ٧٩٣ - [فَألْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِب] ... وَلاَ ذَاكِر الله إلا قليلاً
  وإن جز «الحياة» على أنه بدل من «ما»، والصواب أن {زَهْرَةَ} مفعول بتقدير: جعلنا لهم أو آتيناهم؛ ودليل ذلك ذكر التمتيع؛ أو بتقدير «أذم»، لأن المقام يقتضيه؛ أو بتقدير «أغني» بياناً لـ «ما» أو للضمير، أو بدل من «أزواج»، إما بتقدير «ذوي زهرة»، أو على أنهم جُعِلوا نفس الزهرة مجازاً للمبالغة؛ وقال الفراء: هو تمييز لـ «ما» أو للهاء، وهذا على مذهب الكوفيين في تعريف التمييز؛ وقيل: بدل من «ما»، ورد بأن {لِنَفْتِنَهُمْ}[طه: ١٣١] من صلة {مَتَّعْنَا}[طه: ١٣١] فيلزم الفصل بين أبعاض الصلة بأجنبي، وبأن الموصول لا يُتبع قبل كمال صلته وبأنه لا يُقال: «مررتُ بزيد أخاك» على البدل، لأن العامل في المبدل منه لا يتوجه إليه بنَفْسِهِ؛ وقيل: من الهاء، وفيه ما ذكر،
  قوله: (أزواجاً) أي: أصنافاً منهم زهرة الحياة الدنيا أي زينتها وبهجتها. قوله: (وان التنوين) جواب عما يقال أن الحال واجبة التنكير وزهرة مضاف للحياة فهو معرفة. قوله: (ولا ذاكر الخ) أي: فالأصل ذاكر فحذفت التنوين للساكنين. قوله: (بدل من ما) أي: والمعنى حينئذ لا تمدن عينيك إلى الحياة الدنيا التي أمتعنا بها أزواجاً منهم حالة كون ذلك الممتع به زهرة وزينة قوله: (والصواب الخ) أي: وأما قول مكي فغير صواب؛ لأنه يلزم عليه الفصل بين أبعاض الصلة بأجنبي؛ لأن لنفتهم متعلق بمتعنا الواقع صلة لما ولأنه يلزم عليه أيضاً اتباع الموصول قبل كمال صلته وهو ممنوع. قوله: (وقيل بدل من ما) أي: والمعنى لا تمدن عينك إلى زهرة الحياة الدنيا التي متعنا بها أزواجاً منهم. قوله: (على البدل) أي: بدل المنصوب من المجرور نظراً للمحل. قوله: (بنفسه) أي: بل بحرف الجر فيجب تعديه أيضاً للبدل بحرف الجر؛ لأن البدل على نية تكرار العامل. قوله: (وفيه ما ذكر) أي: مجموع ما ذكر الخ من الاعتراضات وليس المراد الجميع إذ
٧٩٣ - التخريج: البيت لأبي الأسود الدؤلي في (ديوانه ص ٥٤؛ والأغاني ١٢/ ٣١٥؛ والأشباه والنظائر ٦/ ٢٠٦؛ وخزانة الأدب ١١/ ٣٧٤، ٣٧٥، ٣٧٨، ٣٧٩؛ والدرر ٦/ ٢٨٩؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٩٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٣٣؛ والكتاب ١/ ١٦٩؛ لسان العرب ١/ ٥٧٨ (عتب)، ١١/ ٤٤٧ (عسل)؛ والمقتضب ٢/ ٣١٣؛ والمنصف ٢/ ٢٣١؛ ورصف المباني ص ٤٩، ٣٥٩؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٥٣٤؛ وشرح المفصل ٢/ ٦، ٩/ ٣٤، ٣٥؛ ومجالس ثعلب ص ١٤٩؛ و همع الهوامع ٢/ ١٩٩).
اللغة: ألفيته وجدته مستعتب طالب العتبي وهي الرضا.
المعنى: ما لي أراه غير مكترث وطالب الرضا والصفح، ولا مستغفراً الله وذاكره إلا قليلاً.