ما يحتمل الحالية والتمييز
  وهو المختار، وكونه بدلاً من ضميره، وأن يُنصب على الاستثناء؛ فارتفاعه من وجهين، وانتصابه من وجه؛ فإن قلت: «ما رأيت أحداً يقول ذلك إلا زيد» فبالعكس، ومن مجيئه مرفوعاً قوله [من المنسرح]:
  في ليلةٍ لا نَرَى بِهَا أَحَداً ... يَحْكِي عَلَيْنَا إِلَّا كَوَاكِبُهَا
  و «على» هنا بمعنى «عن»، أو ضُمِّن «يحكي» معنى «يتم» أو «يشنع».
  ما يحتمل الحالية والتمييز من ذلك «كَرُمَ زَيْدٌ ضَيْفاً» إن قدرت أنّ «الضيف» غيرُ «زيد»، فهو تمييز محوّل عن الفاعل، يمتنع أن تدخل عليه «من»؛ وإن قدر نفسَه احتمل الحال والتمييز؛ وعند قصد التمييز فالأحسن إدخال «مِنْ»؛ ومن ذلك: «هذا خاتم حَديداً»، والأرجح التمييز للسلامة به من جمود الحال، ولزومها، أي: عدم
  وانتصابه من وجهين الإبدال من أحد والاستثناء. قوله: (فبالعكس) يعني: فرفعه من وجه وهو الإبدال من الضمير وانتصابه من وجهين وهما البدل من أحد والاستثناء، قال الرضى: ولو لم يرجع الضمير للمبتدأ الحال أو الأصل لم يجز الإبدال منه على ما قيل، فلا تقول ما ضربت أحداً يقول ذلك إلا زيد بالرفع بدلاً من ضمير يقول؛ لأن القول ليس بمنفي بل المنفي الضرب، قال سيبويه إذا قلت ما رأيت أحداً يقول ذلك إلا زيداً أو رأيت أبصرت وجب نصب المستثنى؛ لأنه ليس من نواسخ الابتداء هذا كلامه، قال الرضى وأنا لا أرى بأساً في غير نواسخ الابتداء فيصح أيضاً الإبدال من ضمير راجع إلى ما يصلح للإبدال منه إذا اشتمل النفي على عامل ذلك الضمير نحو ما كلمت أحداً ينصفني إلا زيداً؛ لأن المعنى ما أنصفني أحد كلمته إلا زيداً ومنه قول عدي بن زيد:
  في ليلة لا نرى بها أحداً ... يحكى علينا إلا كواكبها
  ونرى من رؤية العين وفي جعله من رؤية القلب كما ذهب إليه سيبويه نظراً لكونه مخالفاً لمعنى البيت الظاهر منه، فالإنصاف والحكاية منفيان معنى، ولو قلت: لا أوذي أحداً يوحد الله تعالى إلا زيداً لم يجز الإبدال من ضمير يوحد؛ لأن التوحيد ليس بمنفي بل الأذى فقط اهـ شمني. قوله: (يمتنع أن يدخل عليه من) أي: لأنها للبيان. قوله: (وإن قدر نفسه) أي: وإن قدر أن الضيف نفس زيد قوله: (احتمل الحال التمييز) أي: ويكون من التمييز غير الغالب وهو غير المحول كامتلأ الحوض ماءً فقد ذكر ابن مالك أن مميز الجملة لا يلزم أن يقدر الإسناد إليه والتزام بعضهم في كل مميز وقع عن النسبة في الجملة أن يكون في الأصل مسنداً إليه تكلف إذ هو غير متأت في نحو قولهم: امتلأ ماء ونحو طاب زيد أباً حيث يراد أن زيداً نفس الأب كما في مسألتنا هذه. قوله: (فالأحسن إدخال من) أي: لما في إدخالها من بيان المعنى المقصود بالتنصيص عليه. قوله: (للسلامة به من جمود الحال) أي: والأصل في الحال الاشتقاق وأن تكون منقلة وأن يكون صاحبها معرفة.