حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

باب في مسائل مفردة

صفحة 268 - الجزء 3

باب في مسائل مفردة

  مسألة - نحو: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦}⁣[النور: ٣٦] فيمن فتح الباء يحتمل كون النائب عن الفاعل الظرف الأوّل - وهو الأولى - أو الثاني أو الثالث؛ ونحو: ثُمَّ {نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى}⁣[الزمر: ٦٨] النائب الظرف أو الوصف، وفي هذا ضعف، لضعف قولهم «سِيرَ عَلَيْهِ طويل».

  ***

  مسألة - «تَجَلَّى الشَّمْسُ» يحتمل كون «تجلى» ماضياً تركت التاء من آخره لمجازية التأنيث، وكونه مضارعاً أصله: «تَتَجَلَّى» ثم حُذفت إحدى التاءين على حدّ قوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى ١٤}⁣[الليل: ١٤]، ولا يجوز في هذا كونه ماضياً، وإلا لقيل: «تَلَفَّتْ»، لأن التأنيث واجب مع المجازي إذا كان ضميراً متصلاً. وبما ذَكَرْنا من الوجهين في المثال الأول تعلم فساد قول من استدل على جواز نحو: «قامَ هِند» في الشعرِ بقوله [من الطويل]:


باب في مسائل مفردة

  قوله: (في مسائل) مراده بالجمع ما فوق الواحد؛ لأنه لم يذكر إلا مسألتان. قوله: (فيمن فتح) أي: في قراءة من فتح الباء وهو شعبة قوله: (وهو الأولى) أي: لأنه القائم مقام المفعول؛ لأن الفعل يتعدى باللام وأيضاً لقربه من العامل وسبقه وأما رجال فهو فاعل المحذوف أي: يسبحه رجال والجملة مستأنفة جواباً لسؤال مقدر تقديره من يسبحه. قوله: (لضعف قولهم سير عليه طويل) وجه الضعف أن سير الأولى فيه أن يكون نائب الفاعل الجار والمجرور؛ لأنه القائم مقام المفعول عند حذفه فإذا وجد مصدر وجار ومجرور كان الجار والمجرور أحق بالنيابة وحينئذٍ فعليه نائب الفاعل وطويلاً يقرا بالنصب صفة لموصوف محذوف أي: سيراً طويلاً قوله: (لمجازية التأنيث) أي: لأن مجازي التأنيث إذا كان اسماً ظاهراً يجوز تجريد فعله قوله: (وبما ذكرنا من الوجهين الخ) اعلم أنه إنما علم الفساد باحتمال الوجه الثاني وهو كون الفعل مضارعاً محذوفاً منه إحدى التاءين لا باعتبار الوجه الأول وهو كونه ماضياً إذ لا مدخل لهذا الوجه في تبيين الفساد أصلاً اهـ دماميني وأجيب بأن قوله وبما ذكرنا من الوجهين فيه حذف مضاف، أي: من جواز الوجهين وهما كون تجلى ماضياً أو مضارعاً فالسقوط جاء من جوازهما قوله: (تعلم فساد الخ) حاصله أن بعضهم قال إن حقيقي التأنيث يجوز تجريد. فعله من التاء إذا