الجهة السادسة
  وإما على المصدر المفهوم من الفعل، وذلك في غير «ليس» و «لا يكون»، تقول: «قَامُوا خَلا زيداً»، أي: جانب هو - أي قيامهم - زيداً.
  ومن ذلك قول كثير من المُغربين والمفسرين في فواتح السور: إنه يجوز كونها في موضع جر بإسقاط حرف القسم.
  وهذا مردود بأن ذلك مختص عند البصريين باسم الله سبحانه وتعالى، وبأنه لا أجوبة للقسم في سورة البقرة وآل عمران ويونس وهود ونحوهنَّ، ولا يصح أن يقال: قدر {ذَلِكَ الْكِتَابُ}[البقرة: ٢] في البقرة، و {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}[آل عمران: ٢] في آل عمران جواباً، وحذفت اللام من الجملة الاسمية كحذفها في قوله [من الطويل]:
  ٨٣٠ - وَرَبِّ السَّمَوَاتِ العُلَى وَبُرُوجِهَا ... وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهَا المَقَدَّرُ كَائِنُ
  وقول ابن مسعود: «والله الذي لا إله غيره هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة» لأن ذلك - على قلته - مخصوص باستطالة القسم.
  وهو أي الشارب المفهوم يشرب والشاهد في هذا لا في الزاني لأنه به، والمراد مصرح نفي الإيمان الكامل لا أنه يرفع حال العصيان ثم يعود كما يعود كما قيل وإلا لزم أن الميت حال العصيان كافر. قوله: (وأما على المصدر المفهوم من الفعل) أي: من الفعل السابق على أفعال الاستثناء قوله: (ومن ذلك) أي: من الوهم في الأول وهو منع حذف بعض الكلمات كالفعل ونائبه والجار مع بقاء مجروره قوله: (في غير ليس ولا يكون) إنما قيد بذلك وإن كان غيره لم يقيد به لأن المستثنى بليس ولا يكون خبر فلو كان المستتر فيهما ضمير الفعل السابق لزم الإخبار بالذات عن الحدث وهو غير جائز لعدم صدق الخبر حينئذ على ما أخبر به عنه فإنه قيل هناك مضاف محذوف أقيم المضاف إليه مقامه والأصل ليس هو أي قيامهم قيام زيد أجيب بأن دعوى مضاف محذوف لم يلفظ به قط تكلف اهـ شمني. قوله: (بأن ذلك) أي: حذف حرف القسم. قوله: (ولا يصح أن يقال قدر ذلك الكتاب) أي: أجعل ذلك الكتاب قوله: (وحذفت اللام) أي: من جواب القسم. قوله: (المقدر) أي: للمقدر كائن قوله: (هذا مقام) أي: لهذا مقام. قوله: (لأن ذلك) أي: حذف اللام من جواب القسم قوله: (مخصوص باستطالة القسم) أي: المقسم به فإن لم يكن هناك استطالة فلا يجوز حذفها، والحاصل أنه عند عدم الاستطالة يمتنع الحذف ويقل مع وجودها هذا محصل كلام المصنف وصرح ابن مالك بأن حذف اللام من الجملة
٨٣٠ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الدرر ٤/ ٢٣٣؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩١٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ٤٢).
المعنى: يقسم الشاعر برب السماوات والبروج والأرض وما في الأرض إن المقدر الذي كتب على الإنسان لا بد واقع وكائن.