حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وقول بعض العصريين

صفحة 340 - الجزء 3

  صدقاتكم مُشْبهين الذي ينفق فهذا الوجه لا حَذْفَ فيه.

  وقول بعض العصريين في قول ابن الحاجب «الكلمة لفظ» أصله: الكلمة هي لفظ، ومثله قول ابن عصفور في شرح الجُمَل: إنه يجوز في «زَيْدٌ هُوَ الْفَاضِلُ» أن يحذف، مع قول وقول غيره: إنه لا يجوز حذف العائد في نحو: «جاء الَّذِي هُوَ فِي الدار» لأنه لا دليل حينئذ على المحذوف، ورده على من قال في بيت الفرزدق [من البسيط]:

  فَأَصْبَحُوا قَدْ أَعادَ اللَّهُ نِعْمَتَهُمْ ... إِذْ هُمْ قُرَيْسٌ وَإِذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ

  إن «بَشر» مبتدأ، و «مثلهم»: نعت لمكان محذوف خبره، أي وإذ ما بشر مكاناً مثل مكانهم، بأنَّ (مثلا) لا يختص بالمكان؛ فلا دليل حينئذ.

  وكقول الزمخشري في قوله [من السريع]:

  لا نَسَب اليَوْمَ وَلاَ خُلَّةَ ... [اتَّسَعَ الخَرْقُ عَلَى الرَّاقِع]

  إن النصب بإضمار فعل أي: ولا أرى، وإنما النَّصْبُ مثله في «لا حَوْلَ وَلَا قوة».


  قوله: (مشبهين الذي ينفق) أي: وإنما كان هذا الإعراب هو الوجه لأنه لا حذف في الكلام عليه إذ هو الأصل اهـ تقرير دردير قوله: (وقول بعض العصريين) بالجر عطف على قول مكي والمراد بذلك البعض ابن الأكفاني الحكيم المشهور كما قاله أبو العباس تلميذ المصنف. قوله: (أن يحذف) أي: ذلك الضمير. قوله: (لأنه لا دليل الخ) أي: وإذا كان كذلك فكيف يجوز الحذف في زيد هو الفاضل، وفي الكلمة لفظ مع أنه لا دليل عليه. قوله: (ورده) أي: ومع رده. قوله: (وإذ ما مثلهم بشر) هذا عجز بيت وصدره: فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

  إذ هم قريش، وقوله لا نسب الخ هذا صدر بيت عجزه:

  اتسع الخرق على الراقع

  قوله: (بأن مثلاً) متعلق برده قوله: (لا يختص بالمكان) أي: بل يضاف لغيره. قوله: (فلا دليل حينئذ) أي: على ذلك الخبر المحذوف أي وحينئذ فالأولى أن يجعل بشر مبتدأ خبره محذوف، ومثلهم حال أي إذ ما بشر في الوجود مماثلاً لهم ولا يجوز أن يكون مثلهم خبر ما وبشر اسماً لأن شرط إعمال ما عند الحجازيين ترتيب معموليها. قوله: (إن النصب) أي: في خلة قوله: (أي ولا أرى) أي: والتقدير خلاف الأصل فالنصب إنما هو مثله الخ. قوله: (وإنما النصب مثله) أي: فهو على إلغاء لا الثانية والعطف على محل اسم لا الأولى.