حذف الجار
  ٨٧٨ - [فَلَمْ أَرَ مِثْلَهَا حُبَاسَةَ وَاحِدٍ] ... وَنَهْنَهْتُ نَفْسِي بَعْدَمَا كِدْتُ أَفْعَلَهُ
  وقال المبرد: الأصل أفعَلُها، ثم حذفت الألف ونُقلت حركة الهاء إلى ما قبلها، وهذا أولى من قول سيبويه، لأنه أضمر أن في موضع حقها أن لا تدخل فيه صريحاً وهو خبر «كاد»، واعتد بها مع ذلك بإبقاء عملها.
  وإذا رفع الفعل بعد إضمار: أنْ سَهُلَ الأمر، ومع ذلك فلا يَنْقاسُ؛ ومنه: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ}[الزمر: ٦٤]، {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ}[الروم: ٢٤]، و «تَسْمَعُ بالْمُعَيْدِي خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاه» وهو الأشهر في بيت طرفة [من الطويل]:
  أَلَا أَيُّهَا ذَا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الْوَغَى ... وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي؟
  قوله: (ونهنهت) أي: كففت وصدره:
  فلم أرمثلها حباسة واحد
  والحباسة الظلامة وزناً ومعنى ونسبه الزمخشري لامرئ القيس ونسبه العيني لعامر بن جوين الطائي وجعل صدره:
  أردت بها فتكاً فلم أرتمض له
  قوله: (بعدما كدت أفعله) أي: فقال إن الأصل أن أفعله قوله: (ونقلت حركة الهاء لما قبلها) أي: بعد سلب حركتها قوله: (في موضع) أي: وهو خبر كاد أي إنه قدر أن في خبر كاد مع أنه محل لا تقع فيه إلا نادراً وأيضاً اعتد بها محذوفة فنصب بها الفعل وهذان أمران خلاف الأصل. قوله: (ومع ذلك) أي: ومع كونها مضمرة في محل حقها أن لا تقع فيه صريحاً وقوله بإبقاء الباء سببية. قوله: (بعد إضمار أن) أي: بعد حذفها. قوله: (أفغير الله تأمروني أعبد) أي: تأمروني أن أعبد فحذف أن فرفع الفعل أي قل تأمروني بعبادة غير الله. قوله: (يريكم البرق) أي: أن يريكم البرق فحذفت أن فارتفع الفعل والداعي لتقدير أن إن من آياته خبر مقدم ويريكم مؤول بمصدر مبتدأ مؤخر. قوله: (وتسمع) أي: فاصله ان تسمع فحذفت أن فارتفع الفعل والداعي لتقدير ان ان تسمع مؤول بمصدر مبتدأ خبره خيره قوله: (أحضر الوغي) أي: فالأصل عن أن أحضر الوغي أي
٨٧٨ - التخريج: البيت لامرئ القيس في (ملحق ديوانه ص ٤٧١؛ وله أو لعمرو (لعله تحريف عامر) ابن جؤين في لسان العرب ٦/ ٦٢ (خبس)؛ ولعامر بن جؤين في الأغاني ٩/ ٩٣؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٣٣٧؛ والكتاب ١/ ٣٠٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٠١؛ ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني ص ٩٣١؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٤٨؛ وجمهرة اللغة ص ٢٨٩؛ والدرر ١/ ١٧٧؛ ورصف المباني ص ١١٣؛ وشرح الأشموني ١/ ١٢٩؛ والمقرب ١/ ٢٧٠؛ ٧٠؛ وهمع الهوامع ١/ ٥٨).
اللغة: الحُبَاسة: الغنيمة. نهنهت نفسي: كففتها وزجرتها.
المعنى: لم أر مثلها غنيمة محب وقد زجرت نفسي ومنعتها بعد ما كدت أن أقع فيه.