حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القاعدة الثانية

صفحة 526 - الجزء 3

  {وَأَرْجُلِكُمْ} بالخفض: إنه عطف على {أَيْدِيكُمْ} لا على {رُءُوسِكُمْ}؛ إذ «الأَرْجُل» مغسولة لا ممسوحة، ولكنّه خُفض المجاورة {رُءُوسِكُمْ}؛ والذي عليه المحققون أن خفض الجوار يكونُ في النعتِ قليلاً كما مثلنا، وفي التوكيد نادراً، كقوله [من البسيط]:

  ٩١٩ - يَا صَاحِ بَلْعُ ذَوِي الزَّوْجَاتِ كُلِّهِمْ ... أَنْ لَيْسَ وَصْلٌ إِذَا انْحَلَّتْ عُرَى الذَّنَبِ

  قال الفراء: أَنشَدَنيه أبو الجراح بخفض «كلهم»، فقلتُ له: هلا قلت: «كلهم» - يعني بالنصب - فقال: هو خير من الذي قلتُه أنا، ثم اسْتَنشدتُهُ إيَّاه، فأنشدنيه بالخفض، ولا يكونُ في النسق؛ لأن العاطف يمنعُ من التجاور؛ وقال الزمخشري: لما كانت «الأرجل» من بين الأعضاء الثلاثة مغسولة تغسل بصب الماء عليها كانت


  (إنه عطف على أيديكم) أي: وحينئذ فهو منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة المجاورة. قوله: (كما مثلنا) أي: بجحر ضب خرب وبالبيت بعده. قوله: (وفي التوكيد نادراً) أي: ولا يكون في العطف؛ لأن العاطف فاصل بين المتجاورين فيمنع من المجاورة والبدل على نية تكرار العامل فالعامل المقدر مانع منها لفصله. قوله: (يا صاح الخ) صاح مرخم صاحب وهو نكرة مقصودة عارية من هاء التأنيث فترخيمه شاذ، وقال ابن خروف أصله يا صاحبي فرخم أولاً بحذف الكلمة الثانية إجراء له مجرى المركب المزجي، ثم رخم ثانياً بحذف الباء من صاحب وهو تعسف لا داعي إليه. قوله: (كلهم) هو بالجر لمجاورة المجرور أي: الزوجات مع أنه في المعنى توكيد لذوي المنصوب. قوله: (إذا انحلت عرا الذنب) أراد بالذنب الذكر كناية أي بلغ الأزواج أي أنه إن انحلت رأس الذكر وتركوا الجماع لضعفهم لا يوجد حينئذ وصل من الزوجات لهم. قوله: (هو خير) أي: لكن المسموع عنهم هكذا.

  قوله: (ثم استنشدته) أي: لعله أن يرجع عما قاله أولاً. قوله: (ولا يكون في النسق) أي: لا يكون الجر على المجاورة في النسق، وقوله وقال الخ جواب عما يقال إذا لم يجز الجر بالعطف على المجاورة، فما تصنع بالآية فأجاب بما ذكره. قوله: (تغسل) أي: شأنها أن تغسل وقوله: بصب الماء عليها، أي: وأما الآخران فينقل الماء إليهما أي: الشأن أنه ينقل بالغرف إلى وجهه ويديه وأما في الرجلين الشأن أن يصب


٩١٩ - التخريج: البيت لأبي الغريب النصري في (خزانة الأدب ٥/ ٩٠، ٩٣، ٩٤؛ والدرر ٥/ ٦٠؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ١١؛ وتذكرة النحاة ص ٥٣٧؛ وشرح شواهد المغني ص ٩٦٢؛ ولسان العرب ٢/ ٢٩٢ (زوج)؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥٥).

اللغة والمعنى: انحلت عرى الذنب: كناية عن الضعف الجنسي.

يقول: يا صاحبي بلّغ جميع المتزوجين أن الصلة ستنقطع بين الزوجين إذا ما أصيب الزوج بضعف جنسي.