حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (إلا) بالكسر والتشديد

صفحة 194 - الجزء 1

  قَلِيلٌ مِنْهُمْ}⁣[النساء: ٦٦] وارتفاع ما بعدها في هذه الآية ونحوها على أنه بدل بعض من كل عند البصريين، ويُبعده أنه لا ضمير في نحو: «ما جاءني أحَدٌ إِلا زيد» كما في نحو: «أكلت الرغيف ثلثه» وأنه مخالف للمُبدل منه في النفي والإيجاب، وعلى أنه معطوف على المستثنى منه، و «إلا» حرف عطف عند الكوفيين؛ وهي عندهم بمنزلة «لا» العاطفة في أن ما بعدها مخالف لما قبلها لكن ذاك منفي بعد إيجاب، وهذا موجب بعد نفي، ورُدَّ بقولهم: «مَا قَامَ إلا زيدٌ»، وليس شيء من أحرف العطف يلي العامل، وقد يجاب بأنه ليس تاليها في التقدير، إذ الأصل «ما قام أحد إلا زيد».

  الثاني: أن تكون بمنزلة غير» فيوصف بها وبتاليها، جمع مُنكر أو شبهه.


  قوله: (ويبعده إنه) أي: البدل الواقع بعد إلا. قوله: (كما في نحو أكلت الخ) وجوابه أنه لم يشترطوا الضمير في بدل البعض من حيث هو ضمير، وإنما اشترطوه من حيث كونه رابطاً فإذا وجد الربط بدونه حصل الغرض من غير توقف على اشتراط وجوده، وهنا الربط يتحقق بدونه وذلك لأن إلا وما بعدها من تمام الكلام الأول وإلا لإخراج الثاني من الأول فعلم أنه بعضه إذ لا يخرج إلا البعض فحصل الربط بذلك ولم يحتج لضمير بخلاف أكلت الرغيف ثلثه فإنه لا رابط فيه إلا الضمير فاحتيج إليه اهـ. دماميني. قوله: (وإنه مخالف الخ) أي: فأحد منفي وزيد مثبت في قولك ما جاءني أحد إلا زيد وجوابه أن البدلية منظور فيها للعامل لا للمعنى والمخالفة في المعنى لا تضر بدليل قولك مررت برجل لا كريم ولا لئيم، فقد وجدت المخالفة في باب النعت فكذلك في البدل، وكذا العطف نحو مررت بزيد لا عمرو فلا منع من التخالف من الحرف المقتضي لذلك تقرير دردير. قوله: (لكن ذلك) أي: ما بعد لا العاطفة في نحو قولك جاء زيد لا عمرو. قوله: (هذا) أي: الرفع بإلا الذي نحن فيه في نحو ما جاءني من أحد إلا زيد.

  قوله: (ليس شيء من أحرف العطف يلي العوامل) أي: ولذلك حكم على إما الأولى في قام إما زيد وإما عمرو بأنها ليست حرف عطف قوله: (في التقدير) أي: وإن وليها في اللفظ. قوله: (إذ الأصل الخ) أي: في أن ما بعدها مغاير لما قبلها ذاتاً أو صفة كما بعد غير في مثل قولك مررت برجل غير زيد ودخل عمرو بوجه غير الوجه الذي خرج به لا تعتبر مغايرته له نفياً أو إثباتاً كما كانت إلا في حالة الاستثناء، وقد صرح السعدان بأن إلا التي بمعنى غير لا قائل باسميتها بخلاف غير فإنها اسم، قال الدماميني: ولو ذهب إليه ذاهب لم يبعد فإن قلت يمنع منه التزام خفض ما بعدها، ولو كانت اسماً بمعنى غير لكان ما بعدها مضافاً إليه فيخفض دائماً، قلت: لكونها في صورة الحرف ظهر إعرابها فيما بعدها كما قيل في لا في نحو قولك زيد لا قائم ولا قاعد أنه بمعنى غير وجعل إعرابه على ما بعده بطريق العارية اهـ. دماميني قوله: (فيوصف بها وبتاليها) أي: لا بها وحدها خلافاً لبعضهم وإنما صح أن يوصف بها وبتاليها لأن مجموعهما يؤدي معنى