والثامن: المقابلة
  والثامن: المقابلة، وهي الداخلة على الأعْوَاض، نحو: «اشتريتُه بألف»، و «كافأتُ إحسانه بضعف»، وقولهم: «هذا بذاك» ومنه {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٣٢}[النحل: ٣٢]، وإنما لم نقدرها باء السببية كما قالت المعتزلة وكما قال الجميع في «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُمُ الْجِنَّةَ بِعَمَلِهِ»، لأن المُعْطِيَ بعوض قد يُعطي مجاناً، وأما المسبب فلا يوجد بدون السبب، وقد تبين أنه لا تعارض بين الحديث والآية، لاختلاف محملي الباءين جَمْعاً بين الأدلة.
  والتاسع: المُجاوزة كـ «عن»، فقيل: تختص بالسؤال، نحو: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ٥٩}[الفرقان: ٥٩] بدليل {يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ}[الأحزاب: ٢٠]؛ وقيل: لا تختص به بدليل
  لا أقعد الجبن عن الهيجاء
  وجر مثل هذا باللام أكثر من نصبه قال الدماميني الحق أن البيت محتمل لأن يكون شديداً بمعنى حملوا فتنتصب إغارة على أنها مفعول لأجله ولأن يكون بمعنى قووا من قولك شددت الشيء إذا جعلته شديداً قوياً فتنصب الإغارة على أنه مفعول به اهـ دماميني أي على نسخة شدوا يحتمل أنه مفعول به أي جعلوها شديدة. قوله: (المقابلة) أي: وهي المسماة بباء العوض. قوله: (على الأعواض) أثماناً أو غيرها. قوله: (كاشتريته بألف) مثال لدخولها على العوض الذي هو ثمن قوله: (بضعف) ضعف الشيء مثلاه. قوله: (هذا بذاك) ظرف مستقر وفيما قبله لغو. قوله: (ومنه) أي من مجيئها للمقابلة. قوله: (وإنما لم تقدرها) أي: في هذا المثال قوله: (لأن المعطى) بفتح الطاء في الأول والثاني اسم مفعول أي كدخول الجنة، وقوله: بعوض أي كالعمل. قوله: (مجانا) أي: بلا عوض ولا شك أن دخوله الجنة قد يعطيه المولى لمن كان مؤمناً عاصياً لم يعمل. قوله: (فلا يوجد بدون السبب) فلو كان العمل في الآية سبباً لدخول الجنة لاقتضى أن المؤمن العاصي الذي لم يعمل لم يدخل الجنة وهو ممنوع. قوله: (وقد تبين) أي: بجعل الباء في الآية للمقابلة وفي الحديث للسببية. قوله (لاختلاف محملي الباءين) أي: لأنها في الآية محمولة على العرض، وفي الحديث على السببية ولو جعلت للسببية فيهما لحصل تعارض بينهما، واعلم أن المعتزلة يجعلونها في الآية للسببية ثم إنه ورد عليهم مناقصة الحديث للآية وأجابوا عن الحديث بأن العمل ليس مؤثراً في دخول الجنة، فالمراد بالسبب المنفي المؤثر، وإن كان هو سبباً صورياً كما هو محمل الآية ومما دفع به التعارض أن المنفي السببية الاستقلالية والمثبت الناقصة أي بضميمة الرحمة بدليل تمام الحديث، قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته.
  قوله: (تخص بالسؤال) أي: لوقوع بعد مادة السؤال قوله: (فاسأل به خبيراً) أي: اسأل عنه أي أو السؤال جاوز المسؤل عنه ووصل إلى المسؤول وهذه مجاوزة العناية فتلاحظ المجاوزة عن المسؤول عنه إلى المسؤول اهـ تقرير دردير.