حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثالث: أن تكون للاستثناء

صفحة 334 - الجزء 1

  ١٨٥ - حَاشَا أَبَا ثَوْبَانَ، إِنَّ بِهِ ... ضَنَّا عَلَى الْمَلْحاةِ والشَّتَمِ

  ويروى أيضاً «حاشا أبي» بالياء، ويحتمل أن تكون رواية الألف على لغة من قال [من الرجز]:

  إِنَّ أَباها وَأَبَا أَبَاهَا ... قد بَلَغَا فِي الْمَجْدِ غَايَتَاهَا

  وفاعل «حاشا» ضمير مستتر عائد على مصدر الفعل المتقدم عليها، أو اسم فاعله، أو البعض المفهوم من الاسم العام، فإذا قيل: «قام القومُ حاشا زيداً» فالمعنى: جانب هو - أي قيامهم، أو القائم منهم، أو بعضهم - زيداً.


  قوله: (إن به ضنا) بوزن علماً أي بخلا والملحاة بفتح الميم وسكون اللام وبالمهملة اللوم أي إنه يبخل باللوم لأدبه فعلى بمعنى الباء والبيت ملفق من بيتين وأصلهما هكذا:

  حاشى أبا ثوبان إن أبا ... ثوبان ليس ببكمة فدمِ

  عمرو بن عبد الله إن به ... ضنا على الملحاة والشتم

  والبكم من البكم والخرس والفدم العي في النطق قوله: (ويروى الخ) أي: فلا شاهد فيه على الفعلية وقوله ويحتمل الخ أي فلا شاهد فيه أيضاً على النصب لأن أبا مجرور بكسرة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر. قوله: (ويروى) أي: البيت وهو قول حاشى أبا الخ، وكذا روى النثر المتقدم حاشى الشيطان، وأبا الأصبغ فلا شاهد فيه. قوله: (وأبا أباها) فأبا الثانية مجرورة بكسرة مقدرة. قوله: (عائد على مصدر الفعل المتقدم عليها) أي: فيقال في ذلك النثر مثلاً التقدير جانبيه هو أي الفغران الشيطان. قوله: (عائد على مصدر الفعل المتقدم عليها الخ) هذا لا يطرد في قولك القوم إخوتك حاشى زيداً لأنه ليس فيما قبلها فعل يؤخذ منه مصدر ولا اسم فاعل فالوجهان الأولان لا يطردان. قوله: (جانب هو) راجع للمصدر أي لم يقم زيد وقوله أو القائم راجع لاسم الفاعل، وقوله أو بعضهم راجع لقوله أو البعض قوله: (أو القائم) أي: جاوز القائم منهم زيداً أي فزيد لم يقم. قوله: (أو بعضهم) يعني البعض المبهم ومجاوزته إنما تكون بمجاوزة الكل فاندفع ما يقال إن القصد إخراج المستثنى بالمرة ولا يلزم من مجاوزة البعض مجاوزة الكل.


١٨٥ - التخريج: البيت للجميح الأسدي في (الأصمعيات ص ٢١٨؛ والجنى الداني ص ٥٦٢؛ والدرر ٣/ ١٧٦؛ وشرح اختيارات المفضل ص ١٥٠٨؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٦٨؛ وشرح المفصل ٨/ ٤٧؛ والمقاصد النحوية ٣/ ١٢٩؛ وله أو لسبرة بن عمرو الأسدي في لسان العرب ١٤/ ١٨٢ (حشا)؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب ٤/ ١٨٢؛ وشرح المفصل ٢/ ٨٤؛ ولسان العرب ١٤/ ١٨١ (حشا)؛ والمحتسب ١/ ٣٤١؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٣٢).

اللغة: ضنا: بخلاً بسبب الحرص الملحاة الملامة الشتم: السباب.

المعنى: أستثني أبا ثوبان مما سبق القول به، فهو حريص على ألا يناله سباب أو لوم.