الثامن: المقايسة
  وَهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كانَ أَحْدَثُ عَهْدِهِ ... ثَلاثينَ شَهاً في ثلاثةِ أَحْوَالِ؟
  وقال ابن جني: التقدير: في عقب ثلاثة أحوال، ولا دليل على هذا المضاف، وهذا نظير إجازته «جَلَسْتُ زيداً» بتقدير «جلُوسَ زَيدِ» مع احتماله لأن يكون أصله: إلى زيد. وقيل: «الأحوال» جمع «حال» لا» حَوْلِ»، أي: في ثلاث حالات: نزول المطر، وتعاقب الرياح، ومرور الدهور. وقيل: يريد أن أحدث عهده خمس سنين ونصف، فـ «في» بمعنى «مع».
  الثامن: المُقايسة - وهي الداخلة بين مفضول سابق وفاضل لاحق - نحو: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ٣٨}[التوبة: ٣٨].
  التاسع: التعويض، وهي الزَّائدة عوضاً من «في» أخرى محذوفة كقولك: «ضربْتُ فيمن رَغِبْتَ»، أصله: ضربت من رغبت فيه؛ أجازه ابن مالك وحده بالقياس على نحو قوله:
  «فانظر بمن تثقُ»
  بعض الثلاثة أحوال وإنما خص الثلاثة أحوال مع أنها بعض من أربعة أحوال فأكثر لأن الثلاثة أعوام أول المراتب التي يوجد فيها الثلاثون شهر أو يحتمل أن من ابتدائية وهي على حذف مضاف أي: مبتدأ من انقضاء ثلاثة أحوال فالجملة خمسة أحوال ونصف.
  قوله: (في عقب ثلاثة أحوال) أي: فجعل في على حالها للظرفية والظرفية مجازية، أي: ان الثلاثين تبعت الثلاثة أحوال بدون فصل وليس المراد الظرفية الحقيقية. قوله: (بتقدير جلوس زيد) أي: فزيداً منصوب على المفعولية المطلقة. قوله: (مع احتمال الخ) أي: والمعنى جلست منضماً إلى زيد قوله: (مع احتماله) أي فلا دليل على المضاف. قوله: (في ثلاث حالات) أي: والظرفية مجازية، أي: ثلاثين شهراً متعلقة بثلاثة أحوال؛ لأن النزول والتعاقب والمرور أمور ثلاثة متعلقة بثلاثين شهراً قوله: (ومرور الدهور الخ) أي: وهو سنتان ونصف ولعل الأولى إبدال هذا بعدم الساكن المصلح له. قوله: (الحياة الدنيا) أي: فهي مفضولة والآخرة فاضلة، أي: فما متاع الحياة الدنيا بالمقايسة على الآخرة أو بالنسبة للآخرة إلا قليل قوله: (من رغبت فيه) أي: فحذف في وعوض عنها في قبل من فلما حذف في صار ضربت من رغبت فتحتمل فيه وعنه فأتى بفي ليعين المراد قوله: (فانظر بمن تثق) أي: فالأصل فانظر من تثق به فحذف الباء، ثم عوض باء قبل من فمن موصولة.
= المعنى: طاب صباحك أيتها الآثار الفانية، ثم ينكر على نفسه أن يخاطبها فيقول: وهل يطيب عيش من راح في الزمن الماضي، ومن كان أقرب عهده بالناس ثلاثين شهراً من ثلاث سنين.