حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (كذا) ترد على ثلاثة أوجه:

صفحة 509 - الجزء 1

  أحدها: أن تكون كلمتين باقيتين على أصلهما، وهما كاف التشبيه و «ذا» الإشارية، كقولك: «رأيْتُ زَيْداً فَاضِلاً وَرَأَيْتُ عَمْراً كذَا»، وقوله [من مجزوء الوافر]:

  ٣١٠ - وَأَسْلَمَنِى الزمانُ كَذَا ... فَلا طَرَبِّ وَلا أَنْس

  وتدخل عليها ها التنبيه كقوله تعالى: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ}⁣[النمل: ٤٢].

  الثاني: أن تكون كلمة واحدة مركبة من كلمتين مكنياً بها عن غير عدد، كقول أئمة اللغة: «قيل لبعضهم: أما بمكان كذا وكذا وَجُذْ؟ فقال: بَلَى وِجَاذاً» فنصب بإضمار «أعرف»، وكما جاءَ في الحديث «أنه يقال للعبد يوم القيامة: أتَذْكُرُ يوم كذا وكذا؟ فَعَلْتَ فيه كذا وكذا».


  (كذا) قوله (ورأيت عمراً كذا) أي: مثل زيد في الفضل أي: فاضلاً. قوله: (وأسلمني) أي: خذلني والمراد بالطرب هنا الفرح وإلا فهو من الأضداد يطلق على الحزن والفرح وبعضهم يقول الطرب خفة تصيب الإنسان تسره أو تحزنه والأنس ضد الوحشة. قوله: (وأسلمني الزمان كذا) أي: كهذا الأسلوب والحال أنا عليها اهـ اشمني. قوله: (فلا طرب ولا أنس) أي: خذلني الزمان فصيرني حزيناً متوحشاً لا فرح عندي ولا أنس. قوله: (ويدخل عليها ها) أي: بالقصر لا غير قوله: (أهكذا عرشك) الهمزة للاستفهام والهاء للتنبيه والكاف حرف جر وذا اسم إشارة في محل جر والجار والمجرور خبر مقدم وعرشك مبتدأ مؤخر أي: أعرشك مثل هذا العرش. قوله: (مركبة) أي: من كاف التشبيه وذا الإشارية وإنما عطف عليها فعلها في المثال الآتي وهو كذا وكذا؛ لأن الغالب استعمالها معطوفاً عليها كما يأتي قوله: (كقوله أئمة اللغة) أي: مستشهدين على جمع الوجذ وهو بجيم وذال معجمة نفرة في الجبل يجتمع فيها الماء ويجمع على وجاذ مثل كلب كلاب. قوله: (قيل لبعضهم) أي: العرب قوله: (إما بمكان كذا الخ) كنى بكذا عن المكان الفلاني كمكة والمدينة وهو غير عدد وإما أداة استفتاح وبمكان جار ومجرور خبر مقدم وكذا مجرور بإضافته لمكان ووجد مبتدأ مؤخر قوله: (فنصب) الفاء فاء الفصيحة، أي: إذا اردت نصب وجاذا فهو منصوب بإضمار اعرف أي باعرف المضمر أي: بلى أعرف به وجاذاه متعددة.

  قوله: (فنصب بإضمار أعرف) هذا زيادة فائدة من المصنف وليس بمحل شاهد للغويين؛ لأنهم لا يبحثون عن الإعراب. قوله: (يوم كذا) أي: اليوم الفلاني، وقوله: فعلت فيه كذا وكذا أي: من الأكل والشراب والسرقة أو الزنا فهو كناية عن غير العدد.


٣١٠ - التخريج البيت بلا نسبة في (شرح الأشموني ٣/ ٦٤٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٥١٤).

اللغة: أسلمني: تركني دون حماية، خذلني ولم ينصرني.

المعنى: لقد خذلني الزمان وأبقاني كما ترون بلا طرب ولا رفيق أنيس.