حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - قرئ {كلا سيكفرون بعبادتهم}

صفحة 523 - الجزء 1

  اسمها، والظرف خبرها، والجملة بعده حال، بدليل قولهم: «كَأَنَّكَ بِالشَّمْسِ وَقَدْ طَلَعَتْ» بالواو، ورواية بعضهم: «ولم تكن، ولم تزل» بالواو؛ وهذه الحال متممة لمعنى الكلام كالحال في قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ٤٩}⁣[المدثر: ٤٩]، وكـ «حتى» وما بعدها في قولك: «ما زلت بزيد حتى فَعَل». وقال المطرزي: الأصل كأني أبصرك تنحط، وكأني أبصر الدنيا لم تكن، ثم حذف الفعل وزيدت الباء. مسألة - زعم قوم أن «كأنَّ» قد تنصب الجزأين، وأنشدوا [من الرجز]:

  ٣١٤ - كأن أُذُنَيْهِ إِذَا تَشَوْفَا ... قَادِمَةً أَوْ قلما محرفا


  تقريب لا عمل له والكاف حرف خطاب وبالشتاء مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ومقبل خبر والمعنى قرب إقبال الشتاء. قوله: (والظرف) أي: الجار والمجرور خبرها فقوله كأنك بالدنيا لم تكن معناه كأنك ملتبس بالدنيا حالة كونها لم تكن أي معدومة. قوله: (والجملة بعده) أي: بعد الظرف حال هذا ظاهر في قوله لم تكن وتنحط وما قبل وآتِ فيجعل خبر مبتدأ محذوف له، والجملة حال أي هو مقبل وهو آت قوله: (والجملة بعده حال) أي: فمقبل وآت وتنحط خبر لمحذوف والجملة حالية. قوله: (ما زلت بزيد) أي: ملابساً لزيد. قوله: (وكأني أبصر الدنيا) الأولى أن يقول وكأنك تبصر الدنيا لم تكن لأنه أوفق بالعبارة، وقال في نحو كأنك بالدنيا لم تكن وكأنك بالآخرة لم تزل وكأنك بالشتاء قد أقبل الأولى أن يقال ببقاء كأن على معنى التشبيه ولا نحكم بزيادة شيء، وتقول التقدير كأنك تبصر بالدنيا أي تشاهدها من قوله تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ}⁣[القصص: ١١] والجملة بعد المجرور حال أي كأنك تبصر بالدنيا وتشاهدها غير كائنة أي كأنك رجل يبصر بالدنيا ويشاهدها غير كائنة كما تقدم ويكون التقدير في كلام الحريري كأني أبصرك أي كأني رجل يبصرك تنحط أي أشاهدك في هذه الحالة.

  قوله: (ثم حذف الفعل وزيدت الباء) أي: والجملة بعد المجرور حال وكأن للتقريب أي عن قرب أبصرك تنحط واختار الرضى إنها للتشبيه أي أنت في هذا الحال تشبه من يبصر الدنيا غير كائنة والأصل كأنك رجل يبصر كما مر. قوله: (قد تنصب الجزأين) أي: الاسم والخبر. قوله: (كأن أذنيه) أي: الفرس. قوله: (إذا تشوفا) الظرف يتعلق بما


٣١٤ - التخريج: الرجز لمحمد بن ذؤيب في (خزانة الأدب ١٠/ ٢٣٧، ٢٤٠؛ والدرر ٢/ ١٦٨؛ وللعماني في سمط اللآلي ص ٨٧٦؛ وشرح شواهد المغني ص ٥١٥؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٧٣؛ والخصائص ٢/ ٤٣٠؛ وديوان المعاني ١/ ٣٦؛ وشرح الأشموني ١/ ١٣٥؛ وهمع الهوامع ١/ ١٣٤).

اللغة: تشوف: رفع رأسه ونظر مستطلعاً. القادمة: ريشة في مقدم جناح الطائر. القلم المحرف: القلم المبري بحيث يكون شق أطول من شق. =