والثالث: أن تكون حرفا مصدريا بمنزلة «أن» إلا أنها لا تنصب
  وقول أمراء القيس [من الطويل]:
  ٤٢٣ - تَجَاوَزْتُ أَحْرَاساً عَلَيْها وَمَعْشَراً ... عَلَيَّ حِرَاصاً لَوْ يُسِرُونَ مَقتَلِي
  وأكثرهم لم يُثبت ورود «لو» مصدرية، والذي أثبته الفراء وأبو علي وأبو البقاء والتبريزي وابن مالك.
  ويقول المانعون في نحو: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}[البقرة: ٩٦]: إنها شرطية، وإن مفعول {يَوَدُّ} وجواب {لَوْ} محذوفان، والتَّقدير: يود أحدهما التعمير لو يُعمر ألف سنة لَسَرَّه ذلك، ولا خَفَاء بما في ذلك التكلف.
  ويشهد للمُثْبِتين قراءة بعضهم: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوا}[القلم: ٩] بحذف النون، فعطف «يدهنوا» بالنَّصب على «تُذهن» لما كان معناه: أن تُدْهِنَ.
  ويشكل عليهم دخولها على «أنّ» في نحو: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا}[آل عمران: ٣٠].
  والمختار نصب الجزم على انه خبر كان مقدماً والمصدر من لو وصلتها اسمها مؤخر، والعكس ضعيف كما يأتي للمصنف في الباب الرابع أن الحرف المصدري المقدر بمعروف يحكم له بحكم الضمير والإخبار بالمضير عما دونه في التعريف ضعيف ولهذا قرأ السبعة ما كان حجتهم إلا أن قالوا وفما كان جواب قومه إلا أن قالوا بنصب الأول والرفع ضعيف لضعف الإخبار بالضمير عما دونه في التعريف. قوله: (لو يسرون) بدل اشتمال من ضمير على أي حرصاً على إسرار مقتلي ويسرون بالمهملة مشترك بين الإخفاء والإظهار وبالمعجمة الإظهار. قوله: (بالنصب على تدهن) وجوز أبو حيان أنه بإضمار أن في جواب ودوا لتضمنه معنى ليت وقال الدماميني الذي يظهر أن يدهنوا منصوب بأن مضمرة جوازاً والمجموع منها ومن صلتها معطوف على المجموع من لو وصلتها فهو من عطف مصدر على مصدر آخر هذا هو الذي ينبغي أن يقال فإنه تخرج ماش على القواعد بخلاف تخريج المصنف.
  قوله: (ويشكل عليهم) أي: على المثبتين لها؛ لأن الحرف المصدري لا يدخل
٤٢٣ - التخريج: البيت لامراء القيس في (ديوانه ص ١٣؛ وجمهرة اللغة ص ٧٣٦؛ وخزانة الأدب ١١/ ٢٣٨، ٢٣٩؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٥١؛ ولسان العرب ٤/ ٤٠٢ (شرا)؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٢٩٢).
اللغة: تجاوزت: قطعت أو مررت. أحراساً: جمع حرس، ومفرده حارس. حراصاً: جمع حريص. يسرون: يظهرون، أو يكتمون.
المعنى: لقد ذهبت لزيارتها متجاوزاً أخطاراً كثيرة، من عيون حراس يراقبون قدومي إليها، وقوم يودون قتلي.