حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

5 - تدينه ومذهبه:

صفحة 7 - الجزء 1

  عنه ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد ٨٠٨ هـ / ١٤٠٥ م): «... وصل إلينا بالمغرب لهذا العهد من تأليف رجل من أهل صناعة العربية من أهل مصر يُعرف بـ «ابن هشام»، ظهر من كلامه فيها أنّه استولى على غاية من ملكة تلك الصناعة لم تحصل إلا لسيبويه وابن جني وأهل طبقتهما لعظم ملكته وما أحاط به من أصول ذلك الفن وتفاريعه وحسن تصرفه فيه».

  وقال في موضع آخر: «وقد كادت هذه الصناعة [أي: علم النحو] أن تؤذن بالذهاب لما رأينا من النقص في سائر العلوم والصنائع بتناقص العمران. ووصل إلينا بالمغرب لهذه العصور ديوان من مصر منسوب إلى جمال الدين بن هشام من علمائها استوفى فيه أحكام الإعراب مُجملةً ومُفصَّلة، وتكلّم على الحروف والمفردات والجمل، وحذف ما في الصناعة من المتكرّر في أكثر أبوابها، وسماه بـ «المغني» في الإعراب، وأشار إلى نكت إعراب القرآن كلها، وضبطها بأبواب وفصول وقواعد انتظمت سائرها، فوقفنا منه على علم جَمّ يشهد بعلوّ قدره في هذه الصناعة ووفور بضاعته منها، وكأنه ينحو في طريقته منحاة أهل الموصل الذين اقتفوا أثر ابن جنّي واتبعوا مصطلح تعليمه، فأتى من ذلك بشيء عجيب دالّ على قوة ملكته واطلاعه».

  وقال «ما زلنا، ونحن بالمغرب، نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يُقال له ابن هشام، أَنْحَى من سيبويه».

  وقال عنه ابن حجر العسقلاني (أحمد بن علي ٨٥٢ هـ/ ١٤٤٨ م) إنه «انفرد بالفوائد الغريبة، والمباحث الدقيقة، والاستدراكات العجيبة، والتحقيق البالغ، والاطلاع المُفرِط، والاقتدار على التصرّف في الكلام، والملكة التي كان يتمكن بها من التعبير عن مقصودة بما يريد مسهباً وموجزاً».

  وقال الدمامينيُّ (محمد بن أبي بكر ٨٢٧ هـ / ١٤٢٣ م) لولد ابن هشام: «لو عاش سيبويه لم يمكنه إلا التلمذة لوالدك والقراءة عليه».

  ووصفه يوسف بن تغري بردي بـ «الإمام العالم العلامة»، ثم قال: «كان بارعاً في عدة علوم لا سيما العربية، فإنه كان فارسها ومالك زمامها».

  وقال عنه الشوكاني (محمد بن علي ١٢٥٠ هـ / ١٨٣٤ م). «وقد تصدر للتدريس، وانتفع به الناس، وتفرَّد بهذا الفن، وأحاط بدقائقه وحقائقه، وصار له من الملكة فيه ما لم يكن لغيره، واشتهر صيته في الأقطار، وطارت مصنفاته في غالب الديار».