حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهنا مسائل

صفحة 146 - الجزء 2

  وَلَوْ أَنَّ مَا أَسْعَى لأدْنَى مَعِيشَةٍ ... كَفَانِي، ولم أَطْلُبْ، قَلِيلٌ مِنَ الْمَالِ

  وموضعها عند الجميع رفع فقال سيبويه: بالابتداء ولا تحتاج إلى خبر، لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه؛ واختصَّت من بين سائر ما يؤول بالاسم بالوقوع بعد «لو»، كما اختصت «عُدْوَة» بالنصب بعد «لدُنْ»، و «الحين» بالنصب بعد «لات»، قيل: على الابتداء والخبر محذوف؛ ثم قيل: يقدّر مقدماً، أي ولو ثابت إيمانهم، على حد {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا}⁣[يس: ٤١]؛ وقال ابن عُصفور: بل يقدر هنا مؤخراً، ويشهد له أنه يأتي مؤخراً بعد «أما»، كقوله [من البسيط]:

  ٤٣٢ - عِنْدِي اصْطِبَارٌ، وَأَمَّا أَنَّنِي جَزْعٌ ... يَوْمَ النَّوَى فِلِوَجْدِ كَادَ يَبْرِينِي

  وذلك لأن «لعلّ» لا تقعُ هنا، فلا تشتبه «أنّ» المؤكدة إذا قدمت بالتي بمعنى «لعلّ»، فالأولى حينئذ أن يُقدَّر مؤخراً على الأصل، أي: ولو إيمانهم ثابت.

  وذهب المبرّد والزجاج والكوفيون إلى أنه على الفاعلية، والفعل مقدر بعدها، أي: ولو ثَبَتَ أنهم آمنوا، ورُجُح بأن فيه إبقاء «لو» على الاختصاص بالفعل.

  قال الزمخشري: ويجب كونُ خبر «أنَّ» فعلاً ليكون عوضاً من الفعل


  قوله: (وموضعها) أي: موضع ان أي: مع معمولها أي: أنها تؤول بمرفوع وهذا المرفوع اختلف فيه فقال سيبويه الخ. قوله (واختصت) أي ... ان. قوله: (من بين سائر) أي: جميع أي: بخلاف غيرها مما يؤول بمرفوع فلا يقع بعد لو. قوله: (وقيل على الابتداء والخبر محذوف) مقابل لقوله: ولا تحتاج لخبر. قوله: (يقدر مقدماً) أي: دفعاً لتوهم أنها أي التي بمعنى لعل؛ لأنها لا يتقدم معمولها عليها على أن هذه للتأكيد والتي للتأكيد لا تفتح في الابتداء وإنما تفتح إذا وقعت في محل المفرد فتعين تقدير الخبر مقدماً. قوله: (وذلك) أي: بيان ذلك الاستشهاد. قوله: (لأن لعل الخ) أي: وكذلك لعل لا تقع بعد لو فلا تشتبه الخ. قوله: (لا تقع هنا) أي: بعد إما أي: لأنها ليست من الأمور التي يفصل بها بين إما والفاء. قوله: (إذا قدمت) أي: على الخبر. قوله: (مقدر بعدها) أي: بعد لو. قوله: (ويجب كون خبر إن) أي: الواقعة بعد لو فعلا ظاهره سواء أريد الإتيان بالخبر جامداً أو مشتقاً.


٤٣٢ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الدرر ٢/ ٢٦؛ وشرح الأشموني ١/ ١٠١، ٣/ ٦٠٢؛ وشرح التصريح ١/ ١٧٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٦١؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥٣٦؛ وهمع الهوامع ١/ ١٠٣).

شرح المفردات: الاصطبار: التجلّد واحتمال البين. الجزع: الخوف، أو الحزن وعدم احتمال البين. النوى: البعد الوجد: شدة الحبّ. يبريني: يضنيني ويهلكني.

المعنى: يقول: إنّه صبور على احتمال الشدائد، إلا أنّ الفراق كان صعباً عليه وكاد يهلكه.