الرابع والخامس: واوان ينتصب ما بعدهما
  فالأول كقوله [من الوافر]:
  وَلُبْسُ عَبَاءةٍ وَتَقرَّ عَيْنِي ... أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْس الشفوف
  والثاني: شَرْطُهُ أن يتقدَّم الواو نفي أو طلب، وسمَّى الكوفيون هذه الواو واو الصرف، وليس النصب بها خلافاً لهم، ومثالُها {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ١٤٢}[آل عمران: ١٤٢]، وقوله [من الكامل]:
  ٥٨٣ - [يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسِكَ كان ذا التعليم
  ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
  فهناك يسمع ما تقول ويُشْتَفَى ... بالقول منك وينفع التعليم]
  لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... [عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عظيم]
  والحق أن هذه واو العطف كما سيأتي.
  سابك قبل بل متوهم قوله: (كقوله) أي: القائل أعني ميسون زوجة معاوية. قوله: (واو الصرف) أي: لأنها صرفت المضارع من الرفع الذي كان يستحقه إلى النصب إرشاد بصرفه عن سنن الكلام إلى أنها غير عاطفة. قوله: (والحق أن هذه واو العطف) أي: الواو الداخلة على المضارع المنصوب للعطف إلا أنها في الأول عطفت مصدراً على صريح، وفي الثاني عطفت مصدراً مقدراً على مصدر متوهم وإضمار أن في الأول جائز وفي الثاني
٥٨٣ - التخريج: الأبيات لأبي الأسود الدؤلي في (ديوانه ص ٤٠٤؛ والبيت الرابع، وهو موضع الشاهد، أبي الأسود في الأزهية ص ٢٣٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٢٣٨؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣؛ وللمتوكل الليثي في الأغاني ١٢/ ١٥٦؛ وحماسة البحتري ص ١١٧؛ والعقد الفريد ٢/ ٣١١، والمؤتلف والمختلف ١٧٩؛ ولأبي الأسود أو للمتوكل في لسان العرب ٧/ ٤٤٧ (عظظ)؛ ولأحدهما أو للأخطل في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٢؛ ولأبي الأسود الدؤلي أو للأخطل أو للمتوكل الكناني في الدرر ٤/ ٨٦؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٩٣؛ ولأحد هؤلاء أو للمتوكل الليثي أو للطرماح أو للسابق البربري في خزانة الأدب ٨/ ٥٦٤ - ٥٦٧؛ وللأخطل في الرد على النحاة ص ١٢٧؛ وشرح المفصل ٧/ ٢٤؛ والكتاب ٣/ ٤٢؛ ولحسان بن ثابت في شرح أبيات سيبويه ٢/ ١٨٨؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ٢٩٤؛ وأمالي ابن الحاجب ٢/ ٨٦٤؛ وأوضح المسالك ٤/ ١٨١؛ وجواهر الأدب ص ١٦٨؛ والجنى الداني ص ١٥٧؛ ورصف المباني ص ٤٢٤؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٦٦؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٣٥؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٧٣؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٤٢؛ وشرح قطر الندى ص ٧٧؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٨٩ (وا)؛ والمقتضب ٢/ ٢٦).
اللغة والمعنى: الغي الضلال يقول: يا من يريد أن يعلم غيره وهو أحق بالتعليم، ابدأ بنفسك فانهها عن ضلالها، فإذا فعلت تصبح حكيماً، وعند ذلك ستجد الآذان المُصغية لنصائحك. واحذر أن تنهى عن عمل شائن وتأتي مثله، وإلا لزمك العار الكبير.