والعاشر: الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد
  على ذلك مواضع الواو فيها كلها واوُ الحالِ نحو: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢١٦] الآية، {سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ}[الكهف: ٢٢]، {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا}[البقرة: ٢٥٩]، {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ٤}[الحجر: ٤]؛ والمسوغ لمجيء الحال من النكرة في هذه الآية أمران: أحدهما خاص بها، وهو تقدم النفي؛ والثاني عام في بقية الآيات وهو امتناع الوَصْفِيَّة؛ إذ الحال متى امتنع كونها صفة جاز مجيئها من النكرة، ولهذا جاءت منها عند تقدمها عليها، نحو: «في الدَّارِ قائماً رَجُلٌ» وعند جمودها، نحو: «هذا خَاتَم حديداً»، و «مررت بماء قَعْدَةَ رَجُل»؛ ومانع الوصفية في هذه الآية أمران: أحدهما خاص بها، وهو اقتران الجملة بـ «إلا»، إذ لا يجوز التفريغ في الصفات، لا تقول: «ما مررت بأحد إلا قائم» نصَّ على ذلك أبو علي وغيره؛ والثاني عام في بقية الآيات، وهو اقترانها بالواو.
  الرابط الأصلي أعني الضمير فليكن ذلك الرابط إنما هو لتأكيد لصوقها بالموصوف لأن الصفة ملصوقة بالاسم والواو مفيدة لزيادة ذلك اللصوق فالزمخشري لم ينظر لقولهم أنه لا يفصل بين الصفة والموصوف، ولو نظر لذلك لم يقل بها قوله: (الواو فيها كلها واو الحال) أي: بناءً على المشهور من أن الواو في تلك الآيات واو الحال، وأما عند الزمخشري ومن قلده قالوا وفي ذلك واو اللصوق وكان الأنسب أن يحذف قوله الواو فيها كلها واو الحال من هنا ويذكرها بعد قولها إلا ولها كتاب معلوم تأمل. قوله: (وهو خير لكم) أي: فجملة خير لكم صفة لشيء على ما قاله الزمخشري ومن قلده وكذلك وثامنهم كلبهم صفة لسبعة، وكذلك قوله وهي خاوية صفة لقرية وكذلك قوله إلا ولها كتاب معلوم.
  قوله: (والمسوغ لمجيء الحال) أي: إذا جعلت الجملة حالاً بناء على القول المشهور من أنها حال قوله: (ولهذا جاءت) أي: الحال منها عند تقدمها أي الحال عليها أي لأنه إذا تقدمت عليها لم يصح جعلها صفة. قوله: (وعند جمودها) أي: الحال. قوله: (هذا خاتم حديداً) أي: فحديداً جامدة فلا يصح كونه صفة فتعين كونه حالاً. قوله: (قعدة رجل) في ضبط بفتح القاف وفي آخر بالكسر، وقوله قعدة رجل أي فقعدة جامدة والمراد أن الماء قدر ما يجلس فيه الرجل. قوله: (في هذه الآية) وهي: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ٤}[الحجر: ٤]. قوله: (إذ لا يجوز التفريغ الخ) أي: خلافاً لما في السعد على المفتاح. قوله: (إذ لا يجوز التفريغ) أي: ولو جعلت إلا ولها كتاب صفة لزم التفريغ في الصفات فتعين جعلها حالاً قوله: (وهو اقترانها بالواو) أي: فالتحقيق كما قال ابن مالك وغيره أن الصفة لا يجوز اقترانها بالواو خلافاً للزمخشري.