حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الرابعة المجاب بها القسم

صفحة 454 - الجزء 2

  لا قسم مقدر، بل أخذ ميثاق النبيين هو جملة القسم، وقد يقال: لو أراد هذا لم يحصر الدليل فيما ذكره؛ للاتفاق على أن وجود المضارع مفتتحاً بلام مفتوحة مختتماً بنون مؤكّدة دليل قاطع على القسم، وإن لم يذكر معه أخذ الميثاق أو نحوه.

  والثالث: أن تجويزه كون العائد ضمير «استقر» يقتضي عود ضمير مفرد إلى شيئين معاً؛ فإنه عائد إلى الموصول.

  والرابع: أنه جَوَّز حذف العائد المجرور مع أن الموصول غير مجرور، فإن قيل: اكتفى بكلمة «به» الثانية فيكون كقوله [من الكامل]:

  ٦٤٧ - وَلَوَ أَنَّ مَا عَالَجْتُ لِينَ فُؤادِها ... فَقَسَا اسْتُلِينَ بِهِ لَلَانَ الْجَنْدَلُ

  قلنا: قد جوّز على هذا الوجه عَوْد «به» المذكورة إلى الرسول، لا إلى ما.


  أي: مع أنها جزء الخبر لما علمت أن الخبر مجموع جملة القسم وجوابه فقط. قوله: (وإنه لا قسم مقدر بل أخذ الله الخ) هذا الكلام كله حتى الاضطراب في حيز النفي أي ليس هذا مراده حتى يرد الاعتراض قوله (لم يحصر الدليل) أي: لأن الاقتصار في مقام البيان يفيد الحصر. قوله: (لم يحصر الدليل الخ) الأولى لم يقتصر على الدليل الذي ذكره والمراد بالدليل الذي ذكره هو قوله لأن أخذ الميثاق قسم أي لو أراد هذا لم يقتصر على الدليل الذي ذكره مع أن هناك دليل قاطع دال على القسم وهو اللام والتوكيد بالنون بخلاف ما ذكره فإنه دليل ظني قوله: (إلى شيئين) أي: إلى موصولين وهو ما في قوله لما آتيتكم وما في قوله لما معكم، وقوله فإنه عائد أي مع إنه عائد إلى الموصول الثاني فقط وهو لما معكم.

  قوله: (جوز حذف العائد المجرور) الأولى أن يجعل هذا الاعتراض ثانياً لأنه المذكور في كلامه قبل الثالث قوله: (ولو أن) لو شرطية وإن توكيدية وما اسم موصول اسم إن وعالجت صلة الموصول والعائد محذوف أي ما عالجت به، وحذف لدلالة به الآتية عليه، وقوله لين معمول عالجت وفؤادها مضاف إليه، وقوله استلين خبر إن، وقوله للان جواب لو والجندل فاعل لأن أي لو إن الذي عالجت به لين فؤادها استلين به الجندل للان الجندل قوله: (ولو إن الخ) بنقل حركة الهمزة للواو الساكنة قبلها والبيت من الكامل. قوله: (قد جوز على هذا الوجه) أي: الأول وهو جعل ما موصولة والدليل إذا


٦٤٧ - التخريج: البيت للأحوص في (ديوانه ص ١٦٧؛ وخزانة الأدب ٢/ ٤٩؛ والزهرة ١/ ١٨٢؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢/ ٨٣٠).

اللغة: عالج مارس وزاول الجندل: الصخر أو الحجارة.

المعنى: لقد حاولت جاهداً تلطيف مشاعرها نحوي ولكن عبثاً فقد كان قلبها يزداد قسوة، ولو كنت لاطفتُ كل هذه المدة صخراً لرق لي ولان.