حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الأولى: الواقعة خبرا

صفحة 461 - الجزء 2

  على الأول - وهو أن يكون «استمعوه» حالاً من مفعول «يأتيهم» - مثلها في قولك: «ما لَقِي الزَّيْدَيْنِ عَمْرُو مُصْعِداً إِلا مُنْحَدِرَيْنِ» وعلى الثاني - وهو أن يكون جملة «استمعوه» حالاً من فاعل «يأتيهم» - مثلهما في قولك: «ما لقي الزَّيْدَيْنِ عَمْرُو رَاكِباً إِلا ضَاحِكاً»، وأما {وَهُمْ يَلْعَبُونَ} فحال من فاعل {اسْتَمَعُوهُ}، فالحالان متداخِلَتانِ، و «لاهية»: حال من فاعل {يَلْعَبُونَ}، وهذا من التداخل أيضاً، أو من فاعل {اسْتَمَعُوهُ}، فيكون من التعدد لا من التداخل.

  ومن مثل الحالية أيضاً قوله عليه الصَّلاة والسلام: «أقْرَبُ مَا يَكُونَ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ»، وهو من أقوى الأدِلَّةِ على أن انتصاب «قائماً» في «ضَرْبِي زَيْداً قائماً» على الحال، لا على أنه خبر لـ «كان» محذوفة، إذ لا يقترن الخبر بالواو؛ وقولك: «ما تَكَلَّمَ فُلانٌ إِلا قَالَ خَيْراً»، كما تقول: «ما تكلّم إلا قائلاً خيراً»، وهو استثناء مفرغ


  أي وإنما صح مجيء الحال من النكرة لوجود مسوغين قوله: (فالحالان) أعني محدثاً واستمعوه. قوله: (ما لقي الزيدين عمرو) أي: فالزيدين مفعول مقدم وعمرو فاعل مؤخر ومصعداً حال من عمر، وقوله إلا متحدين حال من الزيدين فهو مثل الآية في كون الحال الأولى أعني محدثاً حال من الفاعل المتأخر أعني الذكر واستمعوه حال من المفعول المتقدم قوله: (وعلى الثاني) أي: والحالان على الثاني. قوله: (مثلهما الخ) أي: في كون الحالين مترادفين على شيء واحد وهو الفاعل أعني الذكر. قوله: (فالحالان) أي: استمعوه وهم يلعبون وقوله متداخلتان أي لدخول صاحب الثانية في الأولى. قوله: (متداخلتان) الحال المتداخلة الداخل صاحبها في حال أخرى بأن يكون ضميراً، وأما الحال المترادفة فهي الحال الواقعة. هي وغيرها من شيء واحد ويقال لها حال متعددة. قوله: (فيكون) أي: لاهية مع يلعبون وقوله من التعدد أي لتعدد الحال من شيء واحد. قوله: (لا من التداخل) أي: إذا نظر لها وللحال التي قبلها أعني قوله وهم يلعبون، وأما إذا نظر لها مع قوله استمعوه فهي متداخلة قوله: (أقرب الخ) أي: أشد أكوانه أي أحواله قرباً من ربه حاصل وهو ساجد. قوله: (وهو من الخ) أي: أن الحديث من أقوى الخ وبيان ذلك أن أقرب أفعل تفضيل وهو بعض ما يضاف إليه، وقوله ما يكون أي أكوان فقد أضيف أقراب للمصدر فيكون مصدراً بمنزلة ضربي، وقوله وهو ساجد بمنزلة قائماً.

  قوله: (لا على أنه خبر لكان محذوفة) أي: كما يقوله الكوفي والأصل إذا كان أو إذ كان. قوله: (إذ لا يقترن الخبر بالواو) حاصله أنك لو أتيت بدل قائماً في المثال بجملة لقلت وهو قائم فإتيانك بالواو في الجملة يدل على أنه حال إذ الخبر لا يقترن بالواو على الحق، وفي الدماميني عن الرضى أن الأفعال الناقصة يجوز اقتران خبرها بالواو قليلاً. قوله: (وقولك) عطف على قوله قوله عليه الصلاة والسلام قوله: (إلا قال خيراً) الجملة حال أي ما تكلم إلا في حال كونه قائلاً خيراً، وقوله من أحوال عامة الأولى من حال عامة