حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وتقع الجملة مفعولا في ثلاثة أبواب

صفحة 464 - الجزء 2

  مطلق نَوْعِيُّ كـ «القُرْفُصَاء» في «قَعَدَ الْقُرْفُصاء»، إذ هي دالة على نوع خاص من القول؟ فيه مذهبان، ثانيهما اختيارُ ابن الحاجب، قال: والذي غَرَّ الأَكْثَرين أنهم ظَنُّوا أن تعلّق الجملة بـ «القول» كتعلقها بـ «علم» في «علمت لزَيْدٌ مُنْطَلِق»، وليس كذلك، لأن الجملة نفس القول، والعِلم غير المعلوم فأفترقا، اهـ.

  والصواب قول الجمهور، إذ يصح أن يخبر عن الجملة بأنها مقولة كما يخبر عن زيد من «ضَرَبْتُ زَيْداً» بأنه مضروب، بخلاف «القُرْفصاء» في المثال، فلا يصح أن يخبر عنها بأنها مقعودة؛ لأنها نفس القعود وأما تسمية النحويين الكلام قولاً فكتسميتهم إياه لفظاً، وإنما الحقيقة أنه مقول وملفوظ.

  والثاني: نوعان ما معه حرفُ التفسير، كقوله [من الطويل]:

  وَتَرْمِينَني بالطَّرْفِ أَي أَنتَ مُذْنِبٌ ... وَتَقْلِينني، لكنَّ إِيَّاكِ لا أُقْلي

  وقولك: «كَتَبْتُ إليه أن أفْعَلْ» إذا لم تقدّر باء الجرّ، والجملة في هذا النوع مفسرة للفعل فلا موضع لها؛ وما ليس معه حرف التفسير، نحو: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ


  الجملة المحكية بالقول قوله: (إذ دالة الخ) أي: لأن الأصل قال قولاً ثم بين نوع هذا القول بقوله إني عبد الله كما أن القعود محتمل لكونه تربعاً أو قرفصاء أو تمدداً فبين نوعه بقوله القرفصاء. قوله: (الأكثرين) أي: في قولهم أنه مفعول به. قوله: (إن تعلق الخ) أي: إنهم ظنوا أن هذه الجملة تعلق بها القول بحيث صارت مقولاً كما إن العلم إذا تعلق بأمر صار ما تعلق به معلوماً قوله: (نفس) القول أي: لأنه يطلق عليها قول قوله: (انتهى) أي: كلام ابن الحاجب قوله (والصواب الخ) حاصله أن قول ابن الحاجب هو الذي لا يسلم إذ تمسكه بإطلاقهم القول على الجملة تسامح إذ الجملة مقولة، وحينئذ فقد ساوى تعلق القول بالجملة تعلق العلم بها فكما يقال لما تعلق العلم بها معلومة يقال لما تعلق القول بها مقولة. قوله: (وأما تسمية النحويين الكلام) أي الجملة وقوله فكتسميتهم إياه أي في كونه تجوزاً قوله: (والثاني) أي: وهو الحكاية بمرادف القول. قوله: (إذا لم تقدر الخ) أي: وإلا لم تكن أن مفسرة بل مصدرية. قوله: (مفسرة للفعل) أي: مبنية له من حيث أنها تصرفه لمفعول معين بعد أن كان محتملاً لأمور كثيرة. قوله: (فلا موضع لها) اعترض بأن هذا منافٍ لقوله وتقع الجملة مفعولاً في ثلاث أبواب أحدها: باب الحكاية بالقول أو بمرادفه فإن هذا يقتضي أن الجملة المحكية بالقول أو بمرادفه لها محل وأنها مفعول والجواب أن المراد بقوله وتقع الجملة مفعولاً في ثلاثة أبواب معناه أنه يوجد ويتحقق وقوعها مفعولاً في الأبواب الثلاثة لا في كل فرد منها بل فيها على الإجمال ثم فصل بعد ذلك فذكر أن ما حكي بمرادف القول وقرن بحرف التفسير لا محل لها وما حكي بالقول أو بمرادفه ولم يقرن بحرف التفسير لها محل قوله: (ووصى بها) أي: