حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثالثة الواقعة مفعولا

صفحة 465 - الجزء 2

  بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ}⁣[البقرة: ١٣٢]، ونحو: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا}⁣[هود: ٤٢]، وقراءة بعضهم: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ}⁣[القمر: ١٠] بكسر الهمزة، وقوله [من الرجز]:

  ٦٥٢ - رَجُلَانِ مِنْ مَكَّةَ أَخْبَرَانَا ... إِنَّا رَأَيْنَا رَجُلا عُرْيَانَا

  رُوي بكسر «إِنَّ» فهذه الجمل في محلّ نصب اتفاقاً، ثم قال البصريون: النصب بقول مقدر، وقال الكوفيون: بالفعل المذكور؛ ويشهد للبصريين التصريح بالقول في نحو: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي}⁣[هود: ٤٥]، ونحو: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ٣ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي}⁣[مريم: ٣ - ٤]؛ وقول أبي البقاء في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}⁣[النساء: ١١] إن الجملة الثانية في موضع نصب بـ «يوصي»، قال: لأن المعنى: يفرض لكم أو يشرع لكم في أمر أولادكم، وإنما يصح هذا على قول الكوفيين؛ وقال الزمخشري: إن الجملة الأولى إجمال، والثانية تفصيل لها، وهذا يقتضي أنها عنده مفسرة ولا محلّ لها، وهو الظاهر.


  بالملة وقوله ويعقوب عطف على إبراهيم أي ووصى بها يعقوب بنيه. قوله: (بكسر الهمزة) أي: وأما بفتحها فتكون مصدرية. قوله: (رجلان) بسكون الجيم لأجل الوزن. قوله: (روي بالكسر الخ) أما على الفتح فالجار محذوف أي بأنا. قوله: (فهذه الجمل) أي: جملة يا بني الخ في الآيتين الأوليين وجملة إني مغلوب وإنا رأينا. قوله: (أن الجملة الثانية) أي: قوله للذكر مثل حظ الخ. قوله: (على قول الكوفيين) أي: وأما على المذهب البصري فيقدر القول. قوله: (وهو الظاهر) أي: عند المصنف واعترض بأن هذا يجري في كل جملة وقعت محكية بما فيه معنى القول وتجردت عن حرف التفسير فتكون لا محل لها، وحينئذ فلا يكون هناك جملة محكية بمرادف القول لها محل سواء كان معها حرف التفسير أم لا، فكان الأولى للمصنف إسقاط هذا القسم الثاني بنوعيه؛ ويمكن أن يجاب بأن المصنف وإن كان يرى ذلك إلا أنه ذكر هذا القسم لأجل حكاية كلام غيره من البصريين والكوفيين وغيرهما قوله: (ما قد يخفى) أي: على النظر فلا يدري هل هو محكي أو لا وفي الواقع أنه محكي قوله: (ثم عدل) أي: عن الخطاب أي فالذي أوجب خفاء الحكاية العدول. قوله: (لأنهم تكلموا بذلك) أي: بقوله إنا لذائقون عن أنفسهم أي والشأن أن المتكلم إذا حكى عن نفسه إنما يذكره بالخطاب مثلاً إذا قال زيداً ضرب عمراً


٦٥٢ - التخريج: الرجز بلا نسبة في (خزانة الأدب ٩/ ١٨٣؛ والخصائص ٢/ ٣٣٨؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٣٣؛ والمحتسب ١/ ١٠٩، ٢٥٠).