حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: أسماء الزمان ظروفا كانت أو أسماء

صفحة 479 - الجزء 2

  أحدها: أسماء الزمان ظروفاً كانت أو أسماء، نحو: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ}⁣[مريم: ٣٣]، ونحو: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ}⁣[إبراهيم: ٤٤]، ونحو: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ١٥ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ}⁣[غافر: ١٥، ١٦]، ونحو: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ}⁣[المرسلات: ٣٥] ألا ترى أن «اليوم» ظرف في الأولى، ومفعول ثان في الثانية، وبدل منه الثالثة، وخبر في الرابعة، ويمكن في الثالثة أن يكون ظرفاً لـ «يخفى» من قوله تعالى: {لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ}⁣[غافر: ١٦].

  ومن أسماء الزمان ثلاثة إضافتها إلى الجملة واجبة: «إذ» باتفاق، و «إذا» عند الجمهور، و «لَمَّا» عند من قال باسميتها، وزعم سيبويه أن اسم الزمان المبهم إن كان مستقبلاً فهو كـ «إذا» في اختصاصه بالجملة الفعلية وإن كان ماضياً فهو كـ «إذ» في الإضافة إلى الجملتين، فتقول «آتيك زَمَن يقدم الحاج»، ولا يجوز «زمن الحاج قادم»؛ وتقول «أتيتك زَمَنَ قَدِمَ الحاج، وزَمَنَ الحاج قادم»، ورُدَّ عليه دعوى


  بعده، ثم نقل جره لما قبله وسكن آخره للروي والأصل حين هيجان الصنبر وهو البرد الشديد. قوله: (بالفعل) أي: في صورة اللفظ هو احتراز عن المصدر فجر فاعله معهود نحو ولولا دفع الله الناس قوله: (أسماء الزمان) أي: فهي تضاف للجملة لكن بعضها وجوباً وهو إذا وإذ ولما وما عداها جوازاً قوله: (ظروفاً) أي: أسماء منصوبة على الظرفية أي مضمنة معنى في قوله: (أو أسماء) أي: أسماء زمان غير منصوبة على الظرفية. قوله: (لينذر التلاق) يوم مفعول ثان والمفعول الأول محذوف أي لينذرهم التلاق والكلام في يوم الثاني قوله: (ألا ترى الخ) تعليل لما ذكره من أن أسماء الزمان تضاف للجملة مطلقاً سواءً كانت ظروفاً أو غير ظروف. قوله: (ومفعول ثان في الثانية) أي: أنذر الناس يوم يأتيهم الخ أي أنذرهم وخوفهم الآن من ذلك اليوم وليس المراد خوفهم في ذلك اليوم حتى يكون ظرفاً.

  قوله: (أن يكون ظرفاً ليخفى) وعلى هذا فالوقف على التلاق أي لينذرهم ذلك اليوم لا يخفى على الله منهم شيء يوم هم بارزون قوله: (وإذا عند الجمهور) أخذاً من قولهم خافضة لشرطها منصوبة بجوابها وهذا القول هو التحقيق خلافاً لما صححه المصنف سابقاً أنها معمولة الشرطها قوله: (المبهم) أي: كحين وزمن ووقت ونحوها. قوله: (في اختصاصه بالجمل الفعلية) أي: وإن كانت إضافة إذا إليها واجبة وإضافة اسم الزمان لها جائز ويجوز عدم إضافته لها بأن يضاف لمفرد أو يقطع عن الإضافة رأساً، وأما إضافته لجملة غير فعلية فلا قوله: (إلى الجملتين) أي: لأن إذ تضاف لهما قال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[الأنفال: ٣٠]، وقال الشاعر:

  إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر