حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

والثاني شرطه كون الثانية أوفى من الأولى بتأدية المعنى المراد

صفحة 496 - الجزء 2

  فإنه أبدل «وقد نهلت» من قوله: «والخطي يخطر بيننا» بدل اشتمال، اهـ. وليس متعيّناً، لجواز كونه من باب النسق على أن تقدر الواو للعطف، ويجوز أن تقدر واو الحال، وتكون الجملة حالاً، إما من فاعل «ذكرتك» على المذهب الصحيح في جواز ترادف الأحوال، وإما من فاعل «يخطر» فتكون الحالان متداخلتين، والرابط على هذا الواو، وإعادة صاحب الحال بمعناه فإن «المثقفة السُّمْرَ» هي الرماح.

  ومن غريب هذا الباب قولك: «قلت لهم قوموا أولكم وآخِرُكم»، زعم ابن مالك أن التقدير، ليقم أولكم وآخركم، وأنه من باب بدل الجملة من الجملة لا المفرد من المفرد، كما قال في العطف في نحو: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}⁣[البقرة: ٣٥]، و


  هجر بلدة باليمامة يقوم فيها الرماح المجلوبة من الهند وقوله: يخطر بكسر الطاء من خطر يخطر كضرب يضرب معناه يهتز وقوله: نهلت بكسر الهاء أي: شربت إذ النهل الشرب أولاً وثانياً فيقال له علل والمراد شربت من الدم بسبب الطعن المراد بشربها تلطخها وقوله المثقفة السمر، أي: الرماح المعتدلة قوله: (من قوله والخطي يخطر بيننا) أي: والشرط موجود فإن قوله وقد نهلت أو فى بتأدية المعنى المراد وهو أنه وقع الطعن بخلاف يخطر أي: يهتز فلا يدل على ذلك لاحتمال أنها تهتز بدون طعن قوله: (بدل اشتمال) أي: وعلى هذا فالواو زائدة وقوله: بدل اشتمال أي: لأن اهتزاز الرمح يشتمل على شرب الدم ويصاحبه. قوله: (الواو) أي: في قوله وقد نهلت وقوله: للعطف أي: على جملة يخطر بيننا فتكون الثانية تابعة لجمل لها محل قوله: (على المذهب الصحيح) وعلى هذا فالمعنى ذكرتك حال كوني في هاتين الحالتين. قوله: (ومن غريب هذا الباب) أي: باب بدل الجملة من الجملة التي لها محل ووجه غرابته أن المتبادر في المثال بدل المفرد وإن لم يتسلط عليه عامل الأول لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأوائل. قوله: (زعم ابن مالك الخ) أي: وأما غيره فجعل الأمثلة الثلاثة من بدل المفرد من المفرد ومن عطف المفرد وقال إنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. قوله: (إن التقدير ليقم الخ) أي: فالأصل قوموا ليقم أولكم وآخركم فقوله أولكم وآخركم معمول لمحذوف وهذه الجملة بدل من جملة قوموا قوله: (لا المفرد من المفرد) أي: لأن أولكم وآخركم بدل من الواو في قوموا لأن البدل على نية تسليط العامل ولا يصح تسليطه هنا فلا يقال قم أولكم. قوله: (اسكن أنت وزوجك الجنة) أي: وليسكن زوجك الجنة فهو من عطف الجمل لأن


= شواهد المغني ٢/ ٨٤٠؛ وبلا نسبة في شرح المفصل ٢/ ٦٧).

اللغة: الخطي: الرمح مجلوب من الهند عن طريق هجر باليمامة. يخطر: يهتز. نهلت: شربت. المثقفة السمر: الرماح المعتدلة.

المعنى: إني أحبك وما نيستك، فكنت معي في أحلك الظروف تظهر لي صورتك بين الرماح المتلونة من دمائنا لكثرة ما شربت منها.