حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

التابعة لجملة لها محل

صفحة 499 - الجزء 2

  لسيبويه، فقالوا: إن كان الفعلُ قلبيًّا ووجد مُعَلِّق عن الفعل نحو: «ظهر لي أقام زيد» صح، وإلا فلا؛ وحملوا عليه {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ ٣٥}⁣[يوسف: ٣٥]، ومنعوا «يعجبني يقوم زيد»، وأجازهما هشام وثعلب، واحتجا بقوله [من الطويل]:

  ٦٧٣ - وَمَا رَاعَنِي إِلا يَسِيرُ بِشُرْطَةِ ... [وَعَهْدي بِهِ قَيْناً يَسِيرُ بِكِيرِ]

  ومنع الأكثرون ذلك كله، وأولوا ما ورد مما يوهمه، فقالوا: في «بدا» ضمير البداء، و «تسمع» و «يسير» على إضمار «أن».

  وأما قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}⁣[البقرة: ١١]، وقوله


  الفعل قلبياً. قوله: (وأجازهما هشام وثعلب) كرر هذا ليرتب عليه الاحتياج. قوله: (واحتجا الخ) قال الدماميني الأحسن أن جملة يسير حال فاعلها راجع لما ضمير راعني. قوله: (وما راعني الخ) تمامه:

  وعهد به قينا يسير بكيرِ

  والقين الحداد والجمع قيون والكير كير الحداد وهو زق وأجلد غليظ ذو حافات وهو المنفاخ، وأما الحفرة التي يوضع فيها الفحم فيقال لها كور اهـ شمني. قوله: (ألا يسير) فعل مضارع والفاعل مستتر فيه جوازاً تقديره هو والجملة في محل رفع فاعل راع بمعنى أخافني والشرطة كالغرفة واحد الشرط كالغرف وهي علامة الولاة ويقال للواحد من الولاة شرطي كتركي وشرطي كجهني سموا بذلك لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يميزون بها. قوله: (ومنع الأكثرون ذلك) أي: كون الجملة مسنداً إليها سواء كانت مبتدأ أو فاعلاً أو نائب فاعل قوله: (وتسمع ويسير على إضمار أن) قال الدماميني الأحسن في المصراع أن يقال إن فاعل راعني ضمير يعود إلى ما يعود إليه ضمير يسير وهو الشخص وقوله: يسير جملة في محل نصب على أنها حال من فاعل راعني والاستثناء مفرغ أي: ما راعني هو في حال من الأحوال إلا في حال كونه يسير قال الشمني: ويمكن أن يخرج البيت أيضاً على تقديره معلق أي: إلا ليسير كما في قوله:

  إني وجدت ملاك الشيمة الأدبا

  أي: لملاك اهـ شمني. قوله: (على إضمار أن) أي: وحذف أن ورفع الفعل جائز


٦٧٣ - التخريج البيت بلا نسبة في (الخصائص ٢/ ٤٣٤؛ وشرح المفصل ٤/ ٢٧).

اللغة: راعني: أفزعني. الشرطة: مفردها شرطي (رجل شرطة). القين: الحداد. الكير: الأداة التي ينفخ فيها على النار.

المعنى: عجبي لما أرى، فإنه يخيف حقاً، فأمس كان هذا الرجل حداداً، واليوم يسير مرافقاً تتبعه الشرطة.