حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

يقول المعربون على سبيل التقريب

صفحة 501 - الجزء 2

حكم الجمل بعد المعارف وبعد النكرات

  يقول المُعْرِبون على سبيل التقريب: الجُمَل بعد النكرات صفات، وبعد المعارف أخوال.

  وشرح المسألة مستوفاة أن يقال: الجمل الخبرية التي لم يَسْتَلْزِمها ما قبلها: إن كانت مرتبطة بنكرة محضة فهي صفة لها، أو بمعرفة محضة فهي حال عنها، أو بغير المحضة منهما فهي محتملة لهما، وكل ذلك بشرط وجود المقتضي وانتفاء المانع.

  مثال النوع الأول - وهو الواقع صفةً لا غيرُ لوقوعه بعد النكرات المحضة - قوله تعالى: {حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ}⁣[الإسراء: ٩٣] {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ}⁣[الأعراف: ١٦٤]، {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ}⁣[البقرة: ٢٥٤]، ومنه {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا}⁣[الكهف: ٧٧]، وإنما أعيد ذكر «الأهل» لأنه لو قيل: «استطعماهم» مع أن المراد وصف القرية لزم خلوّ الصفة من ضمير الموصوف؛ ولو


حكم الجمل بعد المعارف وبعد النكرات

  قوله: (أو بغير المحضة) أي: وإن كانت مرتبطة بغير المحضة منهما أي: من المعرفة والنكرة والمراد بالمعرفة الغير المحضة المعرفة بأل الجنسية والمراد بالنكرة الغير النكرة الموصولة. قوله: (وجود المقتضى) أي: وهو صحة عمل العامل في صاحب الحال أو في الموصول في الحال وفي الصفة قوله: (وانتفاء المانع) أي: الذي يمنع من الوصفية أو الحالية. قوله: (ومنه الخ) إنما فصله لاحتمال أنه ليس منه كما يأتي. قوله: (وإنما أعيد ذكر الأهل) أي: الواقع بعد استطعما أي: ولم يأت بالضمير بدل الاسم الظاهر. قوله: (مع أن المراد وصف القرية) لأن الحديث مسوق فيها ألا ترى فوجد فيها جداراً. قوله: (لزم خلو الصفة) أي: لأنه ليس فيها ضمير عائد على الموصوف وهو القرية ورده الدماميني بأن الضمير في استطعماهم عائد على الأهل المقيد بالقرية لإضافته لها فالربط المعنوي حاصل والجواب أنه لا يكفي في الجملة الواقعة صفة إلا الربط اللفظي وهو الضمير العائد على نفس الموصوف وقوله كان مجازاً أي: وهو خلاف الأولى ورد بأن المجاز أبلغ من الحقيقة والقرآن مشحون به فلا مانع من المجاز حينئذ وأجاب بعض بأن المجاز خلاف الأصل على كل حال وأيضاً حيث قيل أولاً أتيا أهل قرية بني الكلام على الحقيقة فالتجوز يعد من الرجوع للشيء بعد الانصراف عنه.