القيد الرابع: انتفاء المانع، والمانع أربعة أنواع
  ٦٧٥ - مَضَى زَمَنْ وَالنَّاسُ يَسْتَشْفِعُونَ بِي ... [فَهَلْ لِي إِلَى لَيْلَى الْغَدَاةَ شَفِيعُ]
  والمعارض فيهنّ الواو، فإنها لا تعترض بين الموصوف وصفته، خلافاً للزمخشري ومَنْ وافقه.
  والثالث: ما يمنعهما معاً، نحو: {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ٧ لَا يَسَّمَّعُونَ}[الصافات: ٧ - ٨]، وقد مضى البحث فيها.
  والرابع: ما يمتنع أحدهما دون الآخر ولولا المانع لكانا جائزين، وذلك نحو: «ما جاءني أحد إلا قال خيراً»، فإن جملة القول كانت قبل وجود «إلا» محتملة للوصفية والحالية، ولما جاءت «إلا» امتنعت الوصفية. ومثله {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ ٢٠٨}[الشعراء: ٢٠٨]، وأما {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ ٤}[الحجر: ٤] فللوصفية مانعان الواو و «إلا»؛ ولم يرَ الزمخشري وأبو البقاء واحداً منهما مانعاً، وكلام النحويين بخلاف ذلك؛ وقال الأخفش: لا تفصل «إلا» بين الموصوف وصفته،
  فهل لي إلى ليل الغداة شفيعُ
  يقولون صب بالنساء موكل ... وهل ذاك من فعل الرجال بديعُ
  قوله: (والمعارض) أي والمانع من الوصفية والمعين للحالية فيهن الواو. قوله: (ومن وافقه) أي: كأبي البقاء. قوله: (والثالث ما يمنعهما) أي: ما يمنع من الوصفية والحالية بعد أن كانا جائزان لولا المانع قوله: (من كل شيطان) أي: فهو نكرة فمقتضاه صحة أن يكون لا يسمعون بعده صفة، وإذا نظرت لوصفه بما رد صح جعلها حالاً منه لكن منع مانع معنوي من كل الأمرين وهو أنه لا معنى للاحتراس من شيطان موصوف بعدم السماع ولا من شيطان في حال سماعه، وحينئذ فجملة لا يسمعون الخ مستأنفة لبيان حال الشيطان بعد التحفظ منه على ما مر. قوله: (وقد مضى البحث فيها) أي: الكلام فيها قوله: (إلا قال خيراً) أي: فأحد نكرة ويصح جعل قوله قال خيراً صفة له وأيضاً إذا نظرت له من حيث أنه نكرة في حيز النفي فيعم فيصح جعله حالاً لكن منع من الصفة مانع وهو إلا قوله: (امتنعت الوصفية) أي: وبقيت الحالية. قوله: (ولم ير) وفي نسخة ولم يسم. قوله: (مانعاً) أي من الوصفية فجوزا في الجملة المذكورة كونها صفة وحالاً. قوله: (وكلام النحويين بخلاف ذلك) أي: لأن كلامهم يقتضي أن إلا تمنع من جعل ما بعدها صفة لما قبلها، وقوله قال الأخفش الخ أتى بكلام الأخفش وكلام الفارسي دليلاً لما
٦٧٥ - التخريج: البيت للمجنون في (ديوانه ص ١٥١؛ والدرر ٤/ ٧؛ وسمط اللآلي ص ١٣٣؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٤١؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ١٣٥؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٤٠).
المعنى: من عهد بعيد الناس يستعينون بي لنيل ما يبتغون من غيري فهل لي من أستعين به لنيل ما أريده من ليلي؟