تنبيه - تأتي «إن» فعلا ماضيا مسندا لجماعة المؤنث من «الأين»
  وإن قول الأكثرين «هذين» جرّاً ونصباً ليس إعراباً أيضاً، واختاره ابن الحاجب، قلت: وعلى هذا فقراءة «هذان» أقيس، إذ الأصلُ في المبني أن لا تختلف صِيَغُه، مع أن فيها مناسبة لألف «ساحران»، وعكسه الياء في {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}[القصص: ٢٧]، فهي هنا أرجَحُ لمناسبة ياء «ابنتي»، وقيل: لما اجتمعت ألف «هذا» وألف التثنية في التقدير قَدَّرَ بعضُهم سقوط ألف التثنية فلم تقبل ألف هذا التغيير.
  ***
  تنبيه - تأتي «إنَّ» فعلاً ماضياً مُسنداً لجماعة المؤنَّث من «الأيْن» - وهو التَّعب - تقول: «النساء إِنَّ»، أي: تَعِبْنَ، أو من «آنَ» بمعنى «قَرُبَ»، أو مسنداً لغيرهن على أنه «الأنين» وعلى أنه مبني للمفعول على لغة من قال في «رُدَّ» و «حُبَّ»: «رِدَّ» و «حِبَّ»، بالكسر تشبيهاً له بـ «قيل» و «بيع»، والأصل مثلاً: «أن زيد يوم الخميس»،
  كمفرده. قوله: (ليس إعراباً) أي وإنما هي صيغة وضعت للاثنين المشار إليهما في حالة الجر والنصب وليست تثنية لهذا قوله: (وعلى هذا) أي: وإذا مشينا على هذا الوجه. قوله: (أقيس) أي من قراءة هذين قوله: (إذ الأصل في المبني الخ) لأن المفرد هذا وهو مبني والجمع هؤلاء مبني فتحمل التثنية على الوجهين في البناء. قوله: (مع أن فيها) أي: قراءة هذان قوله: (وعكسه) أي: عكس الألف من جهة أن الأول ناسب الثاني وهنا الثاني ناسب الأول. قوله: (قدر بعضهم ألف التثنية) الأولى حذف بعضهم ويكون المقدر حينئذ المتكلم بهذان اهـ تقرير دردير قوله: (مسنداً لجماعة) أي: لضمير جماعة المؤنث والمراد أنها مجموع المسند والمسند إليه، فاتكل المصنف على وضوح المعنى فاندفع اعتراض الدماميني بأن كلامه يقتضي أنها كلها فعل ماض مع أنها فعل وهو أن فاعل وهو أن الثانية فليست أن هذه مما الكلام فيه.
  قوله: (من الأين أو من آن) وعلى هذين فأصل أن أين بفتح الهمزة والياء قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين، ثم حركت الهمزة بالكسر لتدل على الياء. قوله: (الأين أو من آن) العمل فيهما واحد والأصل أينن بتسكين لام الفعل وهي النون لاتصالها بنون الفاعل فيدغم ويلتقي ساكنان فيحذف أولهما وهي الياء التي هي عين الكلمة قوله: (وعلى أنه مبني للمفعول) أي: والأصل أنن على وزن ضرب، ثم أدغمت الأولى في الثانية وكسرت الهمزة لنقل حركة النون وهي الكسرة لها وكذا يقال في قيل وبيع وحب قوله: (تشبيهاً له) أي: لهذا الفعل المضعف ووجه الشبه أن أصل قيل وبيع قيل وبيع وأصل حب حبب ورد ردد وأصل الشبه الكسر مع السكون في كل فاولاً كان مكسوراً، ثم إنه سكن وكسر ما قبله ليدل على أن ما بعده كان مكسوراً وهذا الأصل في حب على هذه اللغة واللغة المشهورة أن حب أصله هكذا فالضم على حاله ولم يحصل فيه تغير.