هل يتعلقان بأحرف المعاني
  قلت: قد قالوا: «زَيْدٌ زُهَيْرٌ شِعْراً وَحَاتِمٌ جُوداً»، وقيل في المنصوب فيهما: إنه حال أو تمييز، وهو الظَّاهِر، وأيا كان فالحجّة قائمة به، وقد جاءَ أبلغ من ذلك، وهو إعماله في الحالين، وذلك في قوله [من المتقارب]:
  ٦٨٤ - تُعَيْرُنَا أَنَّنَا عَالَةٌ ... وَنَحْنُ صَعَالِيكَ أَنْتُمْ مُلُوكَا
  إذ المعنى: تُعيرنا أَنَّنا فقراء، ونحن في حال صَعْلكتِنَا في حال مُلْكِكم.
  فإن قلت: قد أوجَبْتَ في بيت كعب بن زهير ¥، أن يكون من عكس التشبيه لئلا يتقدم الحالُ على عاملها المعنوي، فما الذي سَوَّغ تقدَّمَ «صعاليك» هنا عليه؟
  الفارق. قوله: (زيد زهير شعراً) أي: زيد كزهير شعراً وقوله وحاتم جوداً أي وزيد كحاتم جوداً. قوله: (وقيل في المنصوب) أي: وهو شعراً وجوداً. قوله: (وهو الظاهر) أي: لأن المعنى على تبين وجه الشبه لا على القيد قوله: (وهو الظاهر) أي: لأن شعراً وجوداً مصدران يقل وقوعهما حالاً. قوله: (وأياً كان) أي: ومتى جعل حالاً أو تمييزاً. قوله: (فالحجة) أي: على إعمال حرف التشبيه المقدر قائمة به أي بذلك القول. قوله: (فالحجة قائمة به) أي: لأن العامل في تلك الحال أو التمييز إنما هو حرف التشبيه المقدر لما فيه من معنى الفعل، واعترض الدماميني بأنه لا يلزم من العمل أي من عمل حرف التشبيه في التمييز العمل في الظرف إذ التمييز معمول ضعيف يعمل فيه حتى الجامد بلا تأويل كعشرين درهماً، وقد يجاب بأنه بمعنى معدود بكذا فهو وإن كان جامداً إلا أن فيه معنى الفعل لأنه مؤول به. قوله: (وهو إعماله) أي: حرف التشبيه المقدر المحذوف. قوله: (تعيرنا) أي تنسبنا للعار والعيب قوله: (أننا) أي: من أجل أننا عالة أي فقراء. قوله: (ونحن) مبتدأ وأنتم خبر على التشبيه وصعاليك وملوكاً حالان والعامل فيهما حرف التشبيه المقدر.
  قوله: (في حال صعلكنا) أي: فقرنا مثلكم في حال الشرف والكرم في حال ملكتكم قوله: (لئلا يتقدم الحال) المناسب الظرف لأن غداة البين ظرف لا حال اللهم إلا أن يقال إنه رأى أن الظرف له حكم الحال لأنه يؤول بها أي في حال كذا، وقوله عليه أي على العامل المعنوي المقدر في قوله أنتم. قوله: (قلت سوغه الخ) حاصله أنه سوغه وحسنه اختلاف المعنى لأنه لو قيل نحن وأنتم صعاليك ملوكاً لا يدري الحال من المبتدأ والحال من الخبر أيهما لأن الحالين قد يأتيان على طريق اللف والنشر المشوش وهو
٦٨٤ - التخريج البيت بلا نسبة في (الأشباه والنظائر ٦/ ٧؛ وتذكر النحاة ص ١٧١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٨٤؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٤٣٧).
اللغة: تعيرنا، تعيب علينا عالة: فقراء صعاليك، فقراء، أو لصوص.
المعنى: تعيب علينا فقرنا، ونحن في تصعلكنا هذا أفضل منكم في حين كنتم ملوكاً.