حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

هل يتعلقان بأحرف المعاني

صفحة 525 - الجزء 2

  بالحرف، فينبغي على قولهم أن يقدر أن التعلق بفعل دلّ عليه النافي، أي: انتفى ذلك بنعمة ربك.

  وقد ذكرت في شرحي لقصيدة كعب رضي الله تعالى عنه، أن المختار تعلق الظرف بمعنى التشبيه الذي تضمنه البيت، وذلك على أن الأصل: «ومَا كَسُعَاد إلا ظبي أغن»، على التشبيه المعكوس للمُبالغة، لئلا يكون الظرف متقدماً في التقدير على اللفظ الحامل لمعنى التشبيه، وهذا الوجه هو اختيارُ ابن عَمْرُون، وإذا جازَ لحرف التشبيه أن يعمل في الحال في نحو قوله [من الطويل]:

  كأَنْ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْباً وَيَابِساً ... لَدَى وَكْرِهَا الْعُنَابُ وَالْحَشَفُ الْبَالِي

  مع أن الحال شبيهة بالمفعول به، فعمله في الظرف أجْدَرُ.

  فإن قلت: لا يلزم من صحة إعمال المذكور صحة إعمال المقدر، لأنه أضعف.


  ففيه تلفيق إلا أن يقال أن الأول حل معنى قوله: (أي انتفى ذلك) أي: فالأصل ما أنت بمجنون انتفى ذلك بنعمة ربك. قوله: (بمعنى التشبيه) الإضافة بيانية أي بالتشبيه لا بالنفي كما مر. قوله: (بمعنى التشبيه) الخ أي حالة كون ذلك الأصل آتياً على التشبيه المعكوس. قوله: (وما كسعاد إلا ظبي) أي: وما يشبه سعاد في وقت ارتحالها وذهابها عن محبها إلا ظبي أغن فالظبي مشبه وسعاد مشبه به وفي الواقع العكس فهو تشبيه مقلوب. قوله: (لئلا يكون الظرف متقدماً. فيا التقدير على اللفظ الحامل لمعنى التشبيه) أي: واللفظ الحامل لمعنى التشبيه لا يصح تقدم معموله لأنه واقع بعد إلا وهي تمنع من عمل ما بعدها فيما قبلها هذا مراده قوله: (لئلا الخ) علة لمحذوف أي وإنما جعلناه من باب التشبيه المقلوب بحيث جعلنا الكاف المقدرة داخلة على سعاد لا على الظبي لئلا الخ، وناقشه الدماميني بأن هذا جائز في الظرف فقال لزوم تقديم الظرف على اللفظ الحامل لمعنى التشبيه لا يضر ذلك بمجرده إذ الظرف يجوز أن يتقدم على عامله المعنوي نعم إن أريد خصوصية العامل هنا من حيث هو واقع بعد إلا وقد علم أنها مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها استقام وانتفى الاعتراض. قوله: (في التقدير) أي: في هذا التقدير أي تقدير جعل التشبيه غير معكوس فليس المراد بالتقدير قسيم اللفظ لأن تقدم الظرف في هذا الوجه على عامله ملفوظ لا مقدر اهـ دماميني قوله: (ابن عمرون) هو على وزن حمدون والمشهور فيه الصرف والفارسي يمنعه من الصرف للعلمية وشبه العجمة قوله: (لدى وكرها) أي: العقاب. قوله: (شبيهة بالمفعول به) أي: من حيث أن الفعل يتسلط على بعضها من غير توسط ظرف ملفوظ به ولا مقدر المعنى قوله: (أجدر) أي: أولى لأنه يكتفي في العمل فيه برائحة الفعل قوله: (من صحة إعمال المذكور) أي: إعمال حرف التشبيه المذكور كما في هذا البيت، وقوله إعمال المقدر أي كما في بيت كعب على الوجه الذي ذكره المصنف في شرح بانت سعاد قوله: (إعمال المقدر) أي: فالقياس حينئذ لا يصح لوجود