حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

كيفية تقديره باعتبار المعنى

صفحة 545 - الجزء 2

  «استقر» أو وصفهما إن أريد المضي هذا هو الصواب، وقد أغفلوه مع قولهم في نحو: «ضَرْبي زيداً قائماً»: إن التقدير: إذ كان إن أريد المضي أو: إذا كان، إن أريد المستقبل، ولا فرق، وإذا جهلت المعنى فقدر الوصف، فإنه صالح في الأزمنة كلها، وإن كانت حقيقته الحال. وقال الزمخشري في قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ}⁣[الزمر: ١٩] إنهم جُعِلوا في النار الآن لتحقق الموعود به، ولا يلزم ما ذكره، لأنه لا يمتنع تقدير المستقبل، ولكن ما ذُكر أبلغ وأحسن.

  ولا يجوز تقدير الكون الخاص كـ «قائم» و «جالس» إلا لدليل، ويكون الحذف حينئذ جائزاً لا واجباً، ولا ينتقل ضميرٌ من المحذوفِ إلى الظرف والمجرور، وتوهم جماعة امتناع حذفِ الكَوْنِ الخاص، ويُبْطِلُهُ أنا متفقون على جواز حذف الخبر عند


  تام لا ناقص وإلا كان الظرف خبر فيحتاج لمتعلق آخر ويتسلسل كما أفاده السعد. قوله: (أو وصفهما) يعني وصف الماضي أي اسم الفاعل مراداً به الماضي لكن الأولى الاقتصار على الفعل لأن الماضي لا يتبادر من الوصف. قوله: (ولا فرق الخ) أي: لا فرق بين الأمور الخمسة وبين الظرف في إذ كان أو إذا كان وحيث ذكروا هذا في إذ وإذا كان عليهم أن يذكروه في هذه الأمور الخمسة قوله: (وإن كانت حقيقته الحال) فيه أنه إذا كان كذلك لا يقدر إلا إذا علم الحال لأن الشيء إذا أطلق إنما ينصرف لحقيقته. قوله: (أنهم جعلوا في النار) أي: أنه يقدر المتعلق ماضياً لأجل إفادة أنهم جعلوا في النار لتحقق الموعود به. قوله: (ولا يلزم ما ذكره) أي: من تقدير المتعلق ماضياً لإفادة الجعل المذكور ولا يجوز تقدير الوصف لأن الصلة لا تكون إلا جملة قوله: (لأنه لا يمتنع تقدير المستقبل) أي: المضارع لأنه صالح للحال فإذا قدر المتعلق مستقبلاً أفاد الجعل المذكور. قوله: (أبلغ) أي: لأنه نزل الاستقرار المستقبل منزلة الواقع فعبر بالماضي بخلاف تقدير المضارع فلا تنزيل فيه. قوله: (ولا يجوز) أي: البواقي. قوله: (إلا لدليل) أي: لفظي أو معنوي فعلم من هذا أن حذف الكون الخاص للدليل جائز ولا واجب قوله: (إلا لدليل) أي: كما إذا قيل هل أحد جالس في الدار فقلت في جوابه زيد في الدار أي جالس فيها، فذكر جالس في السؤال دليل على ذلك المتعلق المحذوف. قوله: (ولا ينتقل الخ) عطف لازم على ملزوم. قوله: (ولا ينتقل ضمير من المحذوف) أي: ولا ينتقل ضمير من الكون الخاص المحذوف لدليل إلى الظرف الخ أي ولعدم الانتقال ظرفاً لغواً فالظرف اللغو هو ما كان متعلقه خاصاً، وإنما سمي لغواً للغو الظرف عن تحمله الضمير وإنما المتحمل سمي له ذلك المتعلق، وأما الذي متعلقه عام فهو الظرف المستقر أي الذي استقر فيه الضمير لأن العامل لما حذف وجوباً انتقل الضمير للظرف وصار متحملاً له.

  قوله: (وتوهم جماعة) أي: عند وجود الدليل أما إذا لم يوجد فلا خلاف في المنع.