حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

كيفية تقديره باعتبار المعنى

صفحة 546 - الجزء 2

  وجود الدليل، وعدم وجودِ معمول فكيف يكون وجود المعمول مانعاً من الحذف مع أنه إما أن يكون هو الدليل أو مقوياً للدليل؟ واشتراط النحويين الكون المطلق إنما هو لوجوب الحذف، لا لجوازه.

  ومما يتخرج على ذلك قولهم: «مَنْ لي بكذا»، أي: من يتكفل لي به؟ وقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}⁣[الطلاق: ١] أي: مستقبلات لعدّتهن؛ وكذا فَسَّره جماعة من السَّلَف وعليه عَوَّلَ الزمخشري، وردَّه أبو حيان توهماً منه أن الخاص لا يحذف، وقال: الصواب أن اللام للتوقيت، وأن الأصل لاستقبال عدتهن، فحذف المضاف، اهـ.

  وقد بينا فساد تلك الشبهة. ومما يتخرّج على التعلق بالكون الخاص قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}⁣[البقرة: ١٧٨]، والتقدير: مقتول أو يقتل، لا كائن، اللهم إلا أن تقدر مع ذلك مضافين، أي: قتل الحر كائن بقتل الحر، وفيه تكلف تقدير ثلاثة: الكون والمضافان، بل تقدير خمسة، لأن كلاً من المصدرين لا بد له من فاعل؛ ومما يُبعد ذلك أيضاً أنك لا تعلم معنى المُضاف الذي تقدره مع المبتدأ إلا بعد تمام الكلام، وإنما حُسْنُ الحذف أن يُعلم عند موضع تقديره نحو: {وَاسْأَلِ


  قوله: (وعدم وجود معمول) فإذا قيل أقائم أحد فقيل زيد فالسؤال دليل على الخبر المحذوف وهذا جائز والحال أنه لم يذكر لذلك الخبر معمول. قوله: (فكيف يكون وجود المعمول مانعاً الخ) وهو الظرف في قولك زيد في الدار جواباً لمن قال أحد جالس في الدار. قوله: (واشتراط النحويين الخ) هذا وارد على قوله ولا يجوز أن يقدر الكون خاصاً إلا لدليل وحاصله كيف تقول إذا وجد دليل صح أن يقدر الكون خاصاً أن النحاة مع اشترطوا الكون فالعام قوله: (واشتراط النحويين) أي: في متعلق الظرف في الموضع الثمانية. قوله: (إنما هو لوجوب الحذف) أي: فاشترط الكون العام ليس إلا لوجوب الحذف لا لجوازه فلا ينافي أنه يجوز يكون كونه خاصاً ويحذف جوازاً. قوله: (ومما يتخرج على ذلك) أي: على حذف الكون الخاص لدليل هذه الأمثلة وهذا شروع في الأمثلة التي حذف فيها الكون الخاص. قوله: (ان الخاص) أي: الكون الخاص. قوله: (لاستقبال) أي: عند استقبال أي وقت استقبال لأن لام التوقيت هي التي يحل محلها وقت. قوله: (تلك الشبهة) أي: وهي كون الكون الخاص لا يجوز حذفه وقوله وقد بينا فساد الخ أي حيث قال ومما يبطله أنا متفقون الخ. قوله: (مع ذلك) أي: تقدير كائن.

  قوله: (بل تقدير خمسة) أي: لأن المعنى قتلكم الحر بقتله الحر أي قتلكم الحر الجاني بقتله الحر المجني عليه. قوله: (ومما يبعد ذلك) أي: تقدير كائن في هذه الآية.

  قوله: (إلا بعد تمام الكلام) أي: بالخبر وقد يدعى مثل ذلك في الخاص إلا أن يقال