كيفية تقديره باعتبار المعنى
  الْقَرْيَةَ}[يوسف: ٨٢]. ونظير هذه الآية قوله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية [المائدة: ٤٥]، أي: أن النفس مقتولة بالنفس والعين مفقوءة بالعين، والأنف مجدوع بالأنف، والأذن مصلومة بالأذن والسنّ مقلوعة بالسنّ هذا هو الأحسن؛ وكذلك الأرجَحُ في قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ٥}[الرحمن: ٥] أن يُقدَّر: بجريان، فإن قدرت الكون قدرت مضافاً، أي جَرَيَانُ الشمس والقمر كائن بحسبان. وقال ابن مالك في قوله تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}[النمل: ٦٥]. إن الظرف ليس متعلقاً بالاستقرار، لاستلزامه إما الجمع بين الحقيقة والمجاز، فإن الظرفية المستفادة من في حقيقة بالنسبة إلى غير الله سبحانه وتعالى ومجاز بالنسبة إليه تعالى؛ وإما حَمْلُ قراءة السبعة على لغة مرجوحة، وهي إبدال المستثنى المنقطع كما زعم الزمخشري؛ فإنه زعم أن الاستثناء مُنْقَطِع، والمخلّص من هذين المحذورين أن يقدر: قل لا يعلم مَنْ يذكر في السموات والأرض؛ ومن جوّز اجتماع الحقيقة والمجاز في كلمة واحدة واحتج بقولهم: «القَلَمُ أحَدُ اللسَانَيْنِ»، ونحوه لم يَحْتَج إلى ذلك. وفي الآية وجه آخر، وهو أن يقدر
  الخاص يقدر في نفس الخبر لا قبله في المبتدأ على أنه قد يدعي دليل وهو القصاص في القتلى. قوله: (ان يعلم) أي: المقدر أي يعلم تعيينه، وقوله عنده موضع تقديره مراده بموضع التقدير الكلمة الذي يقدر بعدها كقوله واسأل فمن المعلوم أنك إذا قلت واسأل ولم تكمل الكلام تعلم أن السؤال إنما هو للأهل. قوله: (ونظير هذه الآية) أي: في كون المقدر كوناً خاصاً قوله: (مجدوع) بالدال المهملة أي مقطوع. قوله: (أن يقدر يجريان) أي: وهو كون خاص وقوله فإن قدرت الكون أي المطلق قوله (لاستلزامه الخ) هذا بناء على من فاعل أي أن من في السموات والأرض لا يعلم أحد منهم الغيب إلا الله فإنه يعلمه.
  قوله: (فإن الظرفية المستفادة من في حقيقة) أي: لأن غير الله فهو مستقر في السموات وفي الأرض قطعاً. قوله: (ومجاز بالنسبة إليه تعالى) أي: لأن الله ليس مستقراً في السموات وفي الأرض، وقوله ومجاز بالنسبة إليه تعالى الخ لزوم الحقيقة ومجاز إذا جعل الاستثناء متصلاً قوله: (إبدال المستثني المنقطع) هذا إذا جعلت الاستثناء منقطعاً. قوله: (إبدال المستثنى المنقطع) أي: وإبداله لغة ضعيفة وهي لغة تميم، وأما لغة غيرهم فيجب النصب في المنقطع على الاستثناء سواء وقع بعد إيجاب أو بعد نفي وشبهه فيقولون ما في الدار أحد إلا حماراً بالنصب على الاستثناء ولا يقولون إلا حمار بالرفع على أنه بدل من أحد ووجهة أنه ليس داخلاً فيما قبله فكيف يبدل مما قبله قوله: (قل لا يعلم من يذكر الخ) أي: ليقدر كوناً خاصاً ولا شك أن من يذكر في السموات والأرض الله وغيره. قوله: (أحد اللسانين) أي: فقد أريد بهما اللسان بمعنى الجارحة وهو حقيقة واللسان بمعنى القلم وهو مجاز. قوله: (ونحوه) أي: كالخال أحد الأبوين فشبه الخال بالأب على