حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

ما افترق فيه الحال والتمييز، وما اجتمعا فيه

صفحة 30 - الجزء 3

  والرابع: أن الحال يتعدد، كقوله [من الطويل]:

  ٧٠٣ - عَلَيَّ إِذَا مَا زُرْتُ لَيْلَى بِخُفْيَةٍ ... زِيَارَةُ بَيْتِ اللَّهِ رَجْلانَ حَافِيَا

  بخلاف التمييز، ولذلك كان خطأ قول بعضهم في [من الطويل]:

  ٧٠٤ - تَبَارَكَ رَحْمَاناً رَحِيماً وَمَوْئِلا

  إنهما تمييزان، والصواب أن «رحماناً» [مفعول به] بإضمار أخص أو أمْدَح، و «رحيماً» حال منه لا نعت له؛ لأن الحق قول الأعلم وابن مالك: إن «الرحمن» ليس بصفة بل علم، وبهذا أيضاً يبطل كونه تمييزاً، وقول قوم إنه حال.

  وأما قول الزمخشري: إذا قلت: «الله رحمن» أتصرفه أم لا، وقول ابن الحاجب: إنه اختلف في صرفه فخارج عن كلام العرب من وجهين، لأنه لم يستعمل


  مقارناً لطلوع الشمس ولا شك أن هذا مبين لهيئة مجيئة وإن كان القصد الزمان. قوله: (إن الحال يتعدد) أي: لأنه مبين لهيئة الشيء والهيآت تتعدد ولأنه صفة في المعنى لصاحبه والشيء يوصف بأوصاف متعددة والتمييز أي للمفرد مبين للذات والمبين للذات لا يتعدد. قوله: (رجلان) حال من الياء في على وكذا حافياً حال من ياء على فقد تعددت الحال ويحتمل أن حافياً حال متداخلة وحينئذ فلا تكون متعددة فلا يكون في البيت شاهد. قوله: (ولذلك) أي: لأجل كون التمييز لا يتعدد قوله: (لا نعت له) أي: لأنه معرفة بالعلمية ولا ينعت بالنكرة. قوله: (لأن الحق الخ) ومقابله أنهما صفتان وهما قولان والمشهور الثاني وهو الذي عليه كلام المؤلفين في البسملة وعليه فيجوز جعل رحمانا حالاً أو تمييزاً وجعل رحيم نعتاً له.

  قوله: (ليس بصفة) أي: لا يدل على معنى وصاحبه بل إنما يدل على مجرد الذات. قوله: (بل علم) وحيث كان معرفة بالعلمية فلا يجوز وصفه بالنكرة. قوله: (بهذا) أي: يكون الرحمن علماً يبطل كونه تمييزاً ويبطل كونه حالاً لأنه شرطهما التنكير وهو علم، وقوله أيضاً أي كما بطل بكونه علماً جعل رحيماً نعتاً له قوله: (وأما قول الخ) هذا جواب عما يقال كيف تقول إن الرحمن ليس بصفة بل علم مع أن كلام الزمخشري وابن الحاجب يقتضي أنه صفة قوله: (أتصرفه) أي: بحيث يقال رحمن وحينئذ فيكون مؤنثه رحمانة، وقوله أم لا أي بأن يقال رحمن وحينئذ فمؤنثه رحمي. قوله: (لأنه لم يستعمل)


٧٠٣ - التخريج: البيت للمجنون في (ديوانه ص ٢٣٣؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ٢٥٤؛ وشرح التصريح ١/ ٣٨٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٥٩؛ ولسان العرب ١١/ ٢٦٨ (رجل)).

شرح المفردات الخفية الاستتار رجلان: ماشياً على رجليه.

المعنى: يقول: لئن زرت ليلى متخفياً، فعليّ أن أزور بيت الله ماشياً حافياً.

٧٠٤ - التخريج: تقدم بالرقم ٧٤.