حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

ما افترق فيه الحال والتمييز، وما اجتمعا فيه

صفحة 31 - الجزء 3

  صفة ولا مجرّداً من «أل»، وإنما حذفت في البيت للضرورة، وينبني على علميّته أنه في البسملة ونحوها بدل لا نعت، وأن «الرحيم» بعده نعت له، لا نعت لاسم الله سبحانه وتعالى، إذ لا يتقدَّم البدل على النعت، وأن السؤال الذي سأله الزمخشري وغيرُه لِمَ قُدّم «الرحمن» مع أن عادتهم تقديم غير الأبلغ، كقولهم: «عالم نخرير»، و «جواد فَيَّاض»، غير متجه.

  ومما يوضح لك أنه غير صفة مجيئُه كثيراً غير تابع، نحو: {الرَّحْمَنُ ١ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ٢}⁣[الرحمن: ١ - ٢]، {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}⁣[الإسراء: ١١٠]، {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ}⁣[الفرقان: ٦٠].

  والخامس: أن الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلاً متصرفاً، أو وصفاً يشبهه، نحو: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ}⁣[القمر: ٧]، وقوله [من الطويل]:

  ٧٠٥ - [عَدسُ مَا لِعَبَّادِ عَلَيْكِ إِمَارَةٌ] ... نَجَوْتِ وَهُذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ


  أي: في لغة العرب صفة كما هو كلام الزمخشري وابن الحاجب وإنما يستعمل في لغتهم علماً. قوله: (لم يستعمل صفة) أي: حتى يقال يختم مؤنثه بالتاء أو لا وإن كان العلم أيضاً يمنع للزيادة. قوله: (ولا مجرداً من أل) هذا وجه ثان والأولى ما قبله. قوله: (في البيت) أي: بيت الشاطبية. قوله: (لا نعت) أي: لأن العلم جامد والنعت لا بد أن يكون مشتقاً أو مؤولاً به قوله: (سأله) أي: وأجاب عنه بأن الرحيم جعل كالتتمة والرديف ولم يعكس لأن الشأن أن الشريف يجعل متبوعاً لا تابعاً قوله: (لم قدم الرحمن) أي: الذي هو أبلغ من الرحيم لزيادة معناه قوله: (غير متجه) أي: لأن الرحمن غير صفة والعادة المذكورة إنما هي في الصفات لا في العلم قوله: (أو وصفاً يشبهه) أي: لا إن كان العامل معنوياً أو فعلاً جامداً فإنها لا تتقدم قوله: (خاشعاً) حال من فاعل يخرج أي يخرجون في حال كونهم قوماً خاشعاً أبصارهم.

  قوله: (خاشعاً الخ) المثال يكفي فيه الاحتمال ولا يضر تجويزهم أنه مفعول يدعو


٧٠٥ - التخريج: البيت ليزيد بن مفرغ في (ديوانه ص ١٧٠؛ وأدب الكاتب ص ٤١٧؛ والإنصاف ٢/ ٦١٧؛ وتخليص الشواهد ص ١٥٠؛ وتذكرة النحاة ص ٢٠؛ وجمهرة اللغة ص ٦٤٥؛ وخزانة الأدب ٦/ ٤١، ٤٢، ٤٨؛ والدرر ١/ ٢٦٩؛ وشرح التصريح ١/ ١٣٩، ٣٨١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٥٩؛ وشرح المفصل ٤/ ٧٩؛ والشعر والشعراء ١/ ٣٧١؛ ولسان العرب ٦/ ٤٧ (حدس)، ٦/ ١٣٣ (عدس)؛ والمقاصد النحوية ١/ ٤٤٢، ٣/ ٢١٦؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص ٣٦٢، ٤٤٧؛ وأوضح المسالك ١/ ١٦٢؛ وخزانة الأدب ٤/ ٣٣٣، ٦/ ٣٨٨؛ وشرح الأشموني ١/ ٧٤؛ وشرح قطر الندى ص ١٠٦؛ وشرح المفصل ٢/ ١٦، ٤/ ٢٣؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٦٠ (ذوا)؛ والمحتسب ٢/ ٩٤؛ وهمع الهوامع ١/ ٨٤).