حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الثاني: انقسامها - بحسب قصدها لذاتها وللتوطئة بها

صفحة 39 - الجزء 3

  صَائِداً بِهِ» غَداً أي: مُقَدِّراً ذلك، ومنه {فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}⁣[الزمر: ٧٣]، {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}⁣[الفتح: ٢٧]، ومَحْكية، وهي الماضية نحو: «جاء زَيْدٌ أَمْس رَاكباً».

  الرابع: انقسامها - بحسب التبيين والتوكيد - إلى قسمين: مُبَيِّنة، وهو الغالب، وتُسمَّى مُؤسسة أيضاً، ومؤكدة، وهي التي يُستفاد معناها بدونها، وهي ثلاثة: مؤكدة لعاملها، نحو: {وَلَّى مُدْبِرًا}⁣[النمل: ١٠]، ومؤكّدة لصاحبها، نحو: «جَاءَ القومُ طُرَّا»، ونحو: لآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}⁣[يونس: ٩٩]، ومؤكدة لمضمون الجملة، نحو: «زَيْدٌ أَبُوكَ عَطُوفاً». وأهمل النحويون المؤكّدة لصاحبها، ومثل ابن مالك، وولده بتلك الأمثلة للمؤكّدة لعاملها، وهو سهو.

  ومما يُشكل قولُهم في نحو: «جاء زَيْدٌ والشمس طالعة» أن الجملة الاسمية حال، مع أنها لا تنحل إلى مفرد ولا تُبيِّن هيئة فاعل ولا مفعول، ولا هي حال


  مؤخر والجمعة صفة لرجل قوله: (أي مقدراً) هذا بيان لحاصل المعنى لا بيان لمعنى الحال وهو صائد إذ لو كان بياناً لمعناه لكانت الحال مقارنة قوله: (خالدين) أي: مقدرين الخلود وليست مقارنة لأن الخلود ليس مقارناً للدخول قوله: (محلقين) ليس حالاً مقارنة بل مقدرة أي ادخلوا المسجد الحرام حال كونكم مقدرين الحلاق إذ الحلاق لا يكون في حال دخول المسجد، وأما قوله آمنين فهو حال مقارنة فلا شاهد فيه. قوله: جاء زيد أمس راكباً فيه أن هذه الحال مقارنة لعاملها لأن المجيء والركوب زمنهما واحد وهو الماضي وإلا وضح في المثال جاء زيد اليوم قاتلاً بكراً أمس لأننا ننظر لذات الوصف من كونه ماضياً أو مستقبلاً نظير ما أشرنا إليه في المقدرة انظر الدماميني. قوله: (والرابع) أي: من الاقتسامات.

  قوله: (وتسمى مؤسسة) أي: وهي التي لا يستفاد معناها بدونها لأنها أسست وبينت معنى غير مفاد من غيرها قوله: (نحو ولى مدبراً) أي: فالإدبار مستفاد من ولى. قوله: (طرا) أي: جميعاً ولا شك أن الجمعية تستفاد. من القوم لأنه جمع. قوله: (كلهم جميعاً) أي: لأن الجمعية تستفاد من من لأنها من صيغ العموم قوله: (ومؤكدة لمضمون الجملة) أي: وهي التي يستفاد معناها من مضمون الجملة قبلها والمراد أنها مؤكدة لما يستفاد من الجملة لأن أبوة زيد يستفاد منها العطف فليس المراد بالمضمون حقيقته وهو المصدر المأخوذ من الجملة. قوله: (عطوفاً) حال عاملها وصاحبها محذوفان أي أحقه أو أعرفه عطوفاً. قوله: بتلك الأمثلة أي: التي مثلنا بها للمؤكدة لصاحبها، وقوله للمؤكدة أي المذكورة للمؤكدة. قوله: (مع أنها الخ) بيان للإشكال. قوله: (لا تنحل إلى مفرد) أي: لأن الجملة الحالية لها محل وكل ما له محل ينحل لمفرد قوله: (ولا تبين الخ) أي: