حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أقسام الحال

صفحة 40 - الجزء 3

  مؤكدة؛ فقال ابن جني: تأويلها: جاء زيد طالعة الشمس عند مجيئه، يعني فهي كالحال والنعت السببيين، كـ «مرَرْتُ بالدار قائماً سُكانها، وبرجل قائم غِلْمَانُهُ»، وقال ابن عمرون: هي مؤوّلة بقولك: مُبَكِّراً، ونحوه؛ وقال صدر الأفاضل تلميذ الزمخشري: إنما الجملة مفعول معه؛ وأثبت مجيء المفعول معه جملة؛ وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}⁣[لقمان: ٢٧] في قراءة من رفع «البحر»: وهو كقوله [من الطويل]:

  ٧١٣ - وَقَدْ أَغْتَدِي، والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِها، ... بِمُنْجَرِدِ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ


  والحال المبينة لا بد أن تبين هيئة واحد منهما قوله (ولا هي حال مؤكدة) حتى أنها لا تبين هيئة. قوله: (فقال ابن جنى) أي: في الجواب عنه وحاصله أنا لا نسلم لا تنحل لمفرد بل تنحل له، وإنما لم تبين هيئة لأن المفرد الذي تنحل له حال سببية. قوله: (طالعة الشمس الخ) أي: فقد انحلت إلى مفرد وهو حال سببية أي جارية على غير من هي له غير رافعة لضمير صاحب الحال بل لاسم أجنبي ملابس لضمير صاحب الحال، وإنما لم تبين الهيئة لأنها كحال سببية لأن المفرد الذي تنحل له حال سببية والسببية لا تبين هيئة وإنما تبينها الحقيقة. قوله: (مبكراً) أي: وهو اسم مفرد مبين لهيئة الفاعل وهي مؤسسة. قوله: (ونحوه) أي: كمقاتلاً بالنسبة لقوله والجيش مصطف أو شجاعاً بالنظر له لأن المراد أن تأويله بكلمة من قوة الكلام قوله: (مفعول معه) أي: فالواو حينئذ واو المعية. قوله: (وأثبت مجيء المفعول معه جملة) أي: وهذا لم يقبل به أحد من النحاة فالحق أنها جملة حالية. قوله: (وقال الزمخشري) حاصله أن الجملة الاسمية يؤولها بظرف والمعنى وقت طلوع الشمس الخ، أي مقارناً لطلوعها فقد انحلت لمفرد وبينت هيئة مجيء الفاعل. قوله: (وقد اغتدى) أي: ذهب غدوة والحال أن الطير في أعشاشها أي وقت كون الطير في أعشاشها أي مقارناً لذلك وقوله والجيش مصطف أي وقت اصطفاف الجيش أي مقارناً لذلك، وقوله والبحر يمده أي وقت البحر، وقوله فلذلك عريت عن ضمير ذي الحال أي الموجود في الكلام اكتفاء بالضمير الموجود في متعلق الظرف المأخوذ من المعنى. قوله: (وكناتها) بفتح


٧١٣ - التخريج: البيت لامرئ القيس في (ديوانه ص ١٩؛ وإصلاح المنطق ص ٣٧٧؛ وخزانة الأدب ٣/ ١٥٦، ٢٤٣؛ وشرح المفصل ٢/ ٦٦، ٦٨، ٣/ ٥١؛ ولسان العرب ٣/ ٣٧٢ (قيد)، ١١/ ٧٠٠ (هكل)؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ٤١٠، ٣/ ٤١؛ وخزانة الأدب ٤/ ٢٥٠؛ والخصائص ٢/ ٢٢٠؛ ورصف المباني ص ٣٩٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٦٢؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٤٨٧؛ والمحتسب ١/ ١٦٨، ٢/ ٢٤٣).

اللغة: الغدوة الرواح صباحاً. الوكنة: عش الطير منجرد قصير الشعر. قيد الأوابد: ممسك بالوحوش السائمة هيكل: ضخم الجثة.

المعنى: غالباً ما أنهض قبل الطيور صباحاً، على فرسي الضخم للصيد، فيلحق بالطريدة ولا يترك منها حتى الوحوش الشاردة.