والثالث: العطف بشرط كون المعطوف أو المعطوف عليه مما يسوع الابتداء به
  ٧١٥ - عِنْدِي أَصْطِبَارٌ وَشَكْوَى عِنْدَ قَاتِلَتِي ... فَهَلْ بَأَعْجَبَ مِنْ هَذَا امْرُؤٌ سَمِعا
  إذ يحتمل أن الواو هنا للحال، وسيأتي أن ذلك مسوغ؛ وإِن سُلّم العطف فثم صفة مقدرة يقتضيها المقام، أي: وشكوى عظيمة على أنا لا نحتاج إلى شيء من هذا كله؛ فإن الخبر هنا ظرف مختص، وهذا بمجرده مُسَوّغ كما قدَّمنا، وكأنه توهم أن التسويغ مشروط بتقدمه على النكرة؛ وقد أسلفنا أن التقديم إنما كان لدفع توهم الصفة، وإنما لم يَجِبْ هنا لحصولِ الاختصاص بدونه، وهو ما قدمناه من الصفة المقدرة، أو الوقوع بعد واو الحال؛ فلذلك جاز تأخر الظرف كما في قوله تعالى: {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ}[الأنعام: ٢].
  فإن قلت لعلّ الواو للعطف، ولا صفة مقدّرة؛ فيكون العطف هو المسوغ.
  أي: كون أحد المعطوفين لا بد أن يكون له مسوغ قوله: (عندي اصطبار) أي: أنه صابر على هجر محبوبته وهي تشكو منه وهذا عجيب قوله: (وشكوى) عطف على اصطبار وهو مبتدأ والمسوغ له عطفه على اصطبار هذا ما قاله ابن مالك. قوله: (إن ذلك مسوغ) أي: فالمسوغ حينئذ واو الحال لا العطف فلم يصح حينئذ أن يكون مثالاً لما نحن فيه. قوله: (وإن سلم العطف) أي: وإن سلم أن الواو للعطف قوله: (فثم صفة مقدرة) أي: والصفة المقدرة من جملة المسوغات فتكون هي المسوغة لا العطف. قوله: (بمجرده) أي: من غير افتقار إلى انضمام شيء إليه كوصف أو عطف قوله: (كما قدمنا) الأولى كما سيأتي قريباً في الرابع، وقوله وقد أسلفنا الخ لم يسلفه بل سيأتي له أيضاً. قوله: (وكأنه) أي: ابن مالك وقوله مشروط بتقدمه أي بتقديم الظرف المختص. قوله: (إن التقديم إنما كان الخ) أي: فالذي سوغ الابتداء إنما هو كونه ظرفاً مختصاً ولا علاقة لتقدمه في التسويغ. قوله: (لدفع توهم الصفة) أي: توهم كون الظرف وإنما توهم ذلك لأن احتياج النكرة للوصف أشد من احتياجها للخبر، ولو قدم لا يحتمل غير الخبر. قوله: (وإنما لم يجب) أي: التقديم هنا أي في قوله وشكوى عند قاتلتي لدفع توهم الوصف. قوله: (لحصول الاختصاص بدونه) أي: فتستغني النكرة عن الوصف فينتفي اللبس. قوله: (وهو ما قدمناه من الصفة الخ) هذا الكلام يفيد أنا نحتاج للحال أو للصفة المقدرة فينافي قوله سابقاً على أنا لا نحتاج الخ إلا أن يقال قوله أنا لا نحتاج أي من حيث التسويغ، وأما آخرة الأمر فاحتياج من حيث عدم التقديم فلا تنافي قوله: (فيكون العطف هو المسوغ)
٧١٥ - التخريج البيت بلا نسبة (في الأشباه والنظائر ٢/ ١١٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٦٣).
اللغة: اصطبار: صبر وجَلَد.
المعنى: لديّ صبر على هجر محبوبتي وظلمها لي ومع ذلك، فهي تشكو مني، فهل سمع أحد أعجب من حالي وحالها؟