أقسام العطف
  محذوف: أي: وحفظاً من كل شيطان زيّناها بالكواكب، أو وَحَفِظْنَاها حِفْظاً.
  وأما المنصوب فعلاً فكقراءة بعضهم: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فيُدْهِنُوا}[القلم: ٩] حملاً على معنى: ودوا أن تدهن؛ وقيل في قراءة حَفْص {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطْلِعَ}[غافر: ٣٦ - ٣٧] بالنصب: إنه عطف على معنى «لعلّي أبلغ»، وهو: لعلي أن أبلغ، فإن خبر «العلّ» يقترن بـ «أن» كثيراً، نحو الحديث: «فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضِ»؛ ويحتمل أنه عطف على الأسباب على حد [من الوافر]:
  لَلُبْسُ عَبَاءَةِ وَتَقَرَّ عَيْنِي ... [أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشَّفُوفِ]
  ومع هذين الاحتمالين فيندفع قولُ الكوفي: إن هذه القراءة حجة على جواز النصب في جواب الترجي حملاً له على التمني.
  وأما في المركبات فقد قيل في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ}[الروم: ٤٦]، إنه على تقدير: ليبشركم وليذيقكم، ويحتمل أن التقدير: وليذيقكم وليكون كذا وكذا أَرْسَلها. وقيل في قوله تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ}
  لأجله متوهم، وأيضاً العامل في هذا مقدر بخلاف الأول فإنه متوهم اهـ تقرير در دير. قوله: (زيناها بالكواكب) هذا هو العامل في المفعول لأجله، وأما قوله حفظناها فهو العامل في المفعول المطلق قوله: (وأما المنصوب) أي: وأما وقوع عطف للتوهم في المنصوب حالة كونه فعلاً قوله (فيدهنوا) عطف على ندهن وصح عطف المنصوب على المرفوع لتوهم وجود أن المصدرية في الكلام بدل لو قوله: (إنه) أي: أطلع. قوله: (على معنى لعلي أبلغ) الأول حذف لعلي ويقول على معنى أبلغ أي أنه عطف على أبلغ باعتبار معناه. قوله (ألحن) أي: أقوى قوله: (على حد للبس عباءة) فهو من عطف الفعل على اسم خالص من التأويل بالفعل المشار له بقول ابن مالك:
  وإن على اسم خالص فعل عطف ... تنصبه ان ثابتاً أو منحذف
  قوله: (على جواز النصب) أي: بأن مضمرة بعد فاء السببية أو واو المعية. قوله: (وأما في المركبات) أي: وأما وقوع عطف التوهم في المركبات. قوله: (إنه على تقدير ليبشركم الخ) أي: فقد عطف المركب وهو ليذيقكم على مبشرات بسبب توهم أنه في معنى ليبشركم قوله: (وليكون كذا وكذا) كناية عن قوله تعالى: {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الروم: ٤٦] وقوله أرسلها إشارة لتقدير المتعلق الذي تعلق به الجار وقدر ذلك المتعلق مؤخراً للاهتمام بمعموله، وعلى هذا قالوا وفي قوله وليذيقكم للاستئناف لا عاطفة قوله: (أو كالذي مر الخ) حاصله أنه عطف على الذي حاج بسبب ملاحظة معنى الكلام وتوهم أن الأصل أرأيت كالذي حاج وكالذي مر.